بعد حالة التراخي مع الحوثيين.. هل تفقد الأمم المتحدة ثقة اليمنيين؟

مانشيت ـ خاص :

تحاول مليشيات الحوثيين الانقلابية، إطالة أمد الرحلات المكوكية التي يقوم بها المبعوث الدولي إلى اليمن، مارتن غريفيث، الباحثة عن انتزاع "موافقة" لا تبدو ممكنة، في تنفيذ خطة إعادة انتشار القوات العسكرية بالحديدة، المتفق بشأنها أكثر مرة، علّها تحاول إرباك المشهد اليمني من جديد لإعادته إلى ما قبل اتفاق ستوكهولم، ضمن طموحاتها الرامية إلى إطالة أمد الحرب.

لكن اللافت في الأمر، أن غريفيث تخلى عن جهوده وراء تنفيذ اتفاقات مشاورات السلام اليمنية في السويد، التي تم التوافق بشأنها، وباتت طموحاته مقتصرة على "اتفاق الحديدة" الذي لم ينجح مطلقاً في تجسيد وقف إطلاق نار حقيقي في المحافظة، ناهيك عن انسحاب المليشيات من الموانئ والتزامها بخطة إعادة انتشار القوات المتبادلة، وبقية بنوده الأخرى..!

وغادر المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث صنعاء الخميس الماضي، دون تحقيق أي تقدم، بعد ثلاثة أيام قضاها في النقاش مع قيادات الجماعة الحوثية، أملا في إقناعهم بتنفيذ الانسحاب بموجب خطة لوليسغارد ولكن تعنت الجماعة حال دون تحقيق أي تقدم..

وبحسب مصادر سياسية مطلعة في صنعاء، لصحيفة "الشرق الأوسط"، فإن زعيم الجماعة الحوثية رفض مقابلة المبعوث الأممي غريفيث، على الرغم أن الأخير انتظر ذلك ثلاثة أيام، وهو ما يشير - وفق مراقبين يمنيين - إلى إصرار الجماعة على التلاعب باتفاق السويد وعدم سعيها نحو السلام.

وصعّدت مليشيات الحوثيين الانقلابية المدعومة من إيران، خلال الأيام الماضية، بواسطة خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، وتحوّلت من استهداف المواقع العسكرية التابعة لقوات الحكومة الشرعية، إلى استهداف الأحياء السكنية والبنى التحتية في مديريات الحديدة، كما حدث أمس السبت من خلال قصفها العشوائي على أحياء سكنية في مديرية التحيتا جنوبي الحديدة، ما أدى إلى مقتل وإصابة 15 مدني وتدمير أحد خزانات مياه الشرب المغذية للمدينة.

ومع كل استمرار للجهود التي تبذلها لجنة تنسيق وإعادة الانتشار الدولية التي يقودها الجنرال مايكل لوليسغارد، ومواصلة لجنته لعقد لقاءاتها الباحثة في سراب تنفيذ الحوثيين لخطة اعادة الانتشار المرسومة، تلجأ المليشيات الحوثية إلى تصعيد أكبر، أملا في تفاقم وتطور جديد، ينسف الاتفاقات السابقة – التي لا تزال دون تنفيذ – ويعيد الأوضاع في محافظة الحديدة إلى ما قبل مشاورات السويد.

وتقول مصادر عسكرية يمنية، إن مليشيات الحوثيين، حاولت يوم أمس السبت، تنفيذ محاولات تسلل للوصول إلى محيط مقر انعقاد اجتماع لجنة إعادة الانتشار مع الفريق الحكومي، في مناطق تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بمدينة الحديدة، أثناء انعقاد اللقاء، إذ تسللت مجاميع حوثية نحو موقع اللقاءات التي كانت تجري مع الفريق الحكومي، واشتبكت مع القوات الحكومية قبل انسحابها، بغرض إثارة جلبة تفشل هذا الاجتماع

.

ومع هذا التلاعب الواضح الذي تبديه المليشيات الحوثية في تنفيذ الاتفاقات، يبدو المجتمع الدولي عاجزًا عن اتخاذ أي إجراءات ضدها، نتيجة لمماطلاتها المتواصلة التي تظهر فشل المبعوث الدولي مارتن غريفيث، وعجزه عن تحقيق أي تقدم يُذكر.

وأكد وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني، أمس السبت، انتهاء المدة المزمنة لانسحاب مليشيات الحوثيين من مينائي الصليف ورأس عيسى يوم الخميس الماضي، دون أي تنفيذ من قبل الجماعة واصفا ما تقوم به بالتلاعب.

داعيا، الأمم المتحدة إلى تحديد الطرف المعرقل واتخاذ موقف حازم تجاه سلوك المماطلة والتعنت للميليشيات الحوثية، لإيقاف تلاعبها المكشوف على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي

.

وكشف اليماني عن أن وفدي الحكومة اليمنية والميلشيات الحوثية قد اتفقوا، برعاية الجنرال مايكل لوليسغارد رئيس لجنة إعادة الانتشار، على انسحاب الميليشيات من مينائي الصليف ورأس عيسى لخمسة كيلومترات مقابل انسحاب قوات الجيش الوطني لكيلومتر واحد، مع إزالة الميليشيات لجميع الألغام التي زرعتها الميليشيات في المنطقة، كمرحلة أولى باتجاه التنفيذ الكامل لاتفاق السويد، على أن يتم تنفيذ ذلك خلال أربعة أيام تبدأ يوم 25 فبراير وتنتهي الخميس الـ28 من فبراير 2019.

وقال: «على الرغم من أن الميليشيات الانقلابية وبموجب المرحلة الأولى من الخطة كانت ستعيد انتشارها في مناطق خاضعة لسيطرتها بينما ستعيد القوات الحكومية الانتشار من مناطق مهمة واستراتيجية للغاية، تستمر هذه الميليشيات في المماطلة والتهرب من تنفيذ الاتفاق».

وتابع: «وأمام هذا الفصل الجديد من تعنت الميليشيات الحوثية، يتضح للعالم أجمع حجم تلاعب ومماطلة الميليشيات الحوثية، ومزايداتها الإعلامية حيث سبق لقيادات الميليشيات التصريح بأنهم فقط بانتظار إشارة البدء لتنفيذ الاتفاق».

وحمل وزير الخارجية اليمني الميليشيات الانقلابية مسؤولية فشل الاتفاق والانتكاسة الجديدة، وقال: «نحمل الميليشيات الانقلابية مسؤولية فشل الاتفاق والانتكاسة الجديدة خاصة في الملف الإنساني، حيث كان من المفترض أن يضمن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة فتح وتأمين الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر، ولكن ترفض الميليشيات الحوثية الالتزام بالاتفاق سعيا في الاستمرار في استثمار المأساة الإنسانية في اليمن».

ومع بقاء الأوضاع في الحديدة على حالها، دون تحقيق أي تنفيذ فعلي وملموس لأي من الاتفاقات المبرمة بشأن الحديدة أو الملفات الأخرى المتفق بخصوصها بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثيين، ودون اتخاذ إجراءات دولية رادعة ضد الحوثيين، فإن آمال اليمنيين ستتلاشى وستصل إلى طريق مسدود، يفقدها الثقة في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تحقيق أي نجاح يصل بالبلاد إلى حل سلمي ينهي أزمتها، ويدعها على قناعة راسخة بأن الحسم العسكري أمر لا مفر منه، ويبدو في صالح البلد على أكثر من صعيد.

كما أن محاباة المليشيات الحوثية ولهث المجتمع الدولي إلى تحقيق أي اختراقات "شكلية" لا تحقق سلامًا دائما، قد يشعل أزمة ثقة أخرى بين الحكومة اليمنية وممثليها من جهة، والمجتمع الدولي، الذي يبقى عاجزًا دون