اليونيسف: انتهاكات جسيمة في حق "التعليم" في اليمن
كشفت ممثلة اليونيسف في اليمن ميرتشل ريلنيو، عن جانب من
أوجه الظلام التي تلقيها الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف على مستقبل التعليم
في البلد الأفقر بالمنطقة.
وقالت ممثلة اليونيسف في تصريح لوسائل الإعلام، اليوم الجمعة،
إن المعارك في محافظة الحديدة أدت إلى إغلاق أكثر من ثُلث عدد المدارس في المحافظة
بما في ذلك 15 مدرسة تقع في جبهات القتال، ومدارس أخرى تعرّضت لأضرار فادحة أو تم استخدامها
كملاجئ للعائلات النازحة، فيما اضطرت المدارس التي تُدرّس على فترتين في المنطقة إلى
تقليص عملها ليقتصر على ساعات قليلة في الصباح.
وأوضحت ريلنيو أن اندلاع القتال في محافظة الحديدة منذ يوليو
الماضي أجبر 60 الف فتى وفتاة لترك التعليم، مشيرةً إلى أن الحرب في هذا البلد دفعت
بأكثر من 2 مليون طفل إلى خارج فصول الدراسة في جميع أنحاء اليمن، وذلك بزيادة نصف
مليون طفل منذ تصاعد النزاع عام 2015.
وأضافت: "في المناطق الأكثر تضرراً في الحديدة، لا يستطيع
سوى واحد من بين ثلاثة طلاب مواصلة الدراسة، أما المعلمين فنسبة حضورهم هي أقل من ربع
عددهم الإجمالي في المدارس.
معظم العاملين في سلك التعليم في اليمن لم يتلقوا مرتباتهم
لأكثر من عامين، واضطر العديد منهم إلى الفرار بسبب العنف، أو بحثاً عن فرص أخرى تمكنهم
من تدبير احتياجاتهم المعيشية".
وأشارت ممثلة اليونيسيف في اليمن، إلى أن واحدة من بين كل
خمس مدارس في جميع أنحاء البلاد باتت غير صالحه لتعليم، نتيجة تعرضها للتدمير كلياً
أو جزئياً، أو أصبحت مركزاً للإيواء العائلات النازحة، أو لاستخدامها لأغراض عسكرية.
وأردفت: "على الرغم من الصعوبات العديدة التي تقف لهم
بالمرصاد، يستمر العديد من المعلمين في جميع أنحاء اليمن في مواصلة تدريس الأطفال بأية
طريقة ممكنة. إن أقل ما يمكن قوله عن التزام هؤلاء المعلمين بعدم توقف تعلّم الأطفال،
هو أنه عمل بطولي".
ولفتت ريلنيو إلى التأثير العميق للحرب الذي ينعكس سلباً
على مستقبل الأطفال الذي لم يعد مشرقاً، بعد أن نالت الحرب من حياتهم، وقالت:
"لم ينجُ أي جانب من الجوانب الحياتية للأطفال في اليمن من التأثر وبشدة بسبب
النزاع.
يؤدي استمرار الحرب
على الأطفال في اليمن إلى مقتل وإصابة الأطفال، بالإضافة إلى أن للعنف تأثير عميق على
تعليم الأطفال وعلى مستقبل أكثر إشراقاً".
ودعت أطراف النزاع إلى وقف القتال على الفور، والامتناع عن
الأنشطة العسكرية داخل وحول المدارس في الحديدة وكل أرجاء اليمن، مطالبة المتناحرين،
العمل على إبقاء الطلاب والمعلمين والعاملين في مجال التعليم بعيداً عن الأذى، ومنح
التعليم حقه.
وبحسب ممثلة اليونيسيف في اليمن، فإن منظمتها تعكف حالياً
على برنامج لتزويد المعلمين شهرياً بمبالغ نقدية صغيرة، لتشجيعهم على البقاء في المدارس،
حتى يتم إيجاد حل لأزمة توقف دفع أجورهم منذ ما يزيد عن 24 شهراً.
وناشدت السلطات اليمنية التكاتف مع منظمة اليونيسف للبحث
عن حلول مستدامة تؤدي الى استمرار دفع أجور المعلمين وغيرهم من موظفي القطاع العام
للدولة، معتبرة ذلك "أمر ملحّ". وتوجهت بنداء الى كل الأطراف تحث فيه على
"إيقاف الحرب على الأطفال في اليمن".
وتقول اليونيسف أنها تبذل جهوداً مشتركة مع شركائها لتحسين
جودة التعليم، وجعله متاحاً لجميع أطفال اليمن، من خلال إعادة تأهيل المدارس المتضررة،
وتوفير فضاءات تعليمية مؤقتة للأطفال، وخلق بيئة تعليمية آمنة، وتحسين المياه والصرف
الصحي، بالإضافة الى دعم الاحتياجات الاجتماعية والنفسية للأطفال المتأثرين بالنزاع.
وخلفت الحرب التي بدأت منذ قرابة 4 سنوات أوضاع إنسانية وصحية
صعبة في اليمن، حيث تدور معارك ضارية بين قوات حكومية اليمنية المعترف بها دولياً مدعومة
من تحالف عربي عسكري بقيادة السعودية، وقوات جماعة الحوثيين (أنصار الله) المدعومة
من إيران، ويسيطرون على أغلب المناطق شمالي اليمن بينها العاصمة صنعاء منذ أواخر
2014.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب أدت إلى مقتل نحو 11 ألف مدني،
وجرح ما يزيد عن 56 ألف آخرين، منذ بدء عمليات التحالف أغلبهم بضربات الطيران، بينما تهدّد المجاعة نحو 14 مليوناً من سكان البلد
الأفقر بين دول شبه الجزيرة العربية.