جامع المظفر بتعز.. تاريخ ينضح بعبق السنين

مانشيت - تعز - خاص:

جامع المظفر في تعز، جنوب غرب اليمن،  يعود فضل إنجازه إلى يوسف بن عمر المظفر بن علي بن رسول. والمظفر يُعَدُّ من أعظم ملوك الدولة، وقد بني في  628-858هـ في تلك المدينة، حيث كان مدرسة دينية جمع لها العلماء من مختلف المدن المشهورة داخل البلاد بالعلم حتى يتنافس الطلاب ويشمروا عن سواعد الجد في طلب المعرفة في مدرسته.

ووعد الملك المظفر حينذاك، كل من يحفظ القرآن والسنة النبوية الشريفة ويبرز في مختلف العلوم، سوف يملأ فمه ذهباً، وقد خصص في الجامع مكتبة عريقة تضم كتباً قيمةً ومخطوطات نفيسة.

 

القباب العامرية 

يشتهر الجامع بدقة الصنع لمحرابه ومنبره وقبابه ومئذنته الشامخة، إذ يعد بمثابة تحفةً معماريةً فريدة، فالتصميم يجمع بين الفخامة والضخامة، وقام السلطان عامر بن عبد الوهاب مؤسس الدولة الطاهرية، بين عامي ( 858-923هـ ) بتشييد قباب جامع المظفر والتي تعرف بالقباب العامرية، وهي لا تزال محتفظة ببهائها حتى اليوم، وزخرفت جدرانها وباطن القباب بالكتابة الأنيقة والألوان الزاهية المتناسقة، غير أن الكثير من هذه القباب بهتت زخارفها وطمست بفعل عوامل الزمن من ناحية، والجهل والإهمال من ناحية أخرى، حيث طمست ألوانها باللون الأبيض الذي اعتيد على رشها به منذ عقود ما افقدها جزءا كبيرا من بهائها وجمالها.

في مقدمة الجامع أو الجهة الشمالية منه تظهر ثلاث قباب كبيرة وضخمة، وبين كل قبة كبيرة أربع قباب أصغر حجماً، وتُعَدُّ من أجمل وأكبر وأقدم القباب في تاريخ المساجد اليمنية ويصل عمرها إلى أكثر من خمسمئة سنة.

 

اهتمام حكومي

في عام ٢٠١٥ أفتتح محافظ، تعز شوقي احمد هائل، جامع الاشرفية بعد أن تم إعادة ترميمه وتأهيله على مدى 8 سنوات، بخبرات علمية محلية ودولية وبالتنسيق بين الصندوق الاجتماعي للتنمية ومعهد "فنيتو" الايطالي للتراث والثقافة وتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية بلغت880 مليون ريال.

وعمل للخبراء اليمنيين في الآثار بالتعاون الأصدقاء الايطاليين في معهد فنيتو الذين عملوا بكل جهد لإنجاز ترميم احد المعالم التاريخية الإسلامية على الرغم من كل الظروف والصعاب التي واجهتهم انذاك .

كان دور معهد فنيتو الايطالي في تأهيل 66 شابا وشابة وتزويدهم بالخبرات اللازمة في ترميم المعالم الأثرية.

 

العقود القديمة

في عهد الإمام يحي بن حميد الدين الذي حكم شمال اليمن من 1921 وحتى 1948 ميلادية، ادرجت عقود جديدة تحت القديمة، حيث ظهرت على جدرانه وعقوده التشققات، وكان طول جامع الملك المظفر150 ذراعاً وعرضه 80 ذراعاً تقريباً.

 وفي سنة 1379 هـجرية أوصى الإمام أحمد بن يحي الذي تولى الحكم بعد ابيه - اطيح به في عام 1962 مع قيام الجمهورية - العلماء بعدم توسعته من الناحية الشمالية حتى لا تتغير ملامح الجامع القديمة، ولذلك تمت توسعته من الجهة الجنوبية.

وتم الانتهاء من بناء المؤخرة في بداية 1963 ميلادية، واستمر الجامع بملامحه تلك حتى اليوم، وهو يتسع لنحو 500 مصلٍ ويوجد فيه مصلى للنساء يتسع 300 مصلية، ولا يزال عامراً بالمصلين حتى اليوم، بل ويشهد إقبالاً كثيفاً خلال أيام  شهر رمضان المبارك، حيث يرتاده الكبار والصغار من الجنسين.

 

نجاته من حرب الحوثيين  

يعتبر جامع المظفر من بين قلة من الجوامع مدينة تعز الناجية من آثار الحرب، على الرغم من دأب مليشيات الحوثيين الانقلابية المدعومة من إيران، على قصف المدينة وأحياءها بشكل عشوائي، بكافة أنواع الأسلحة، على مدى قرابة أربعة أعوام ماضية، هي عمر الحرب.

وما تزال مدارس تحفيظ القرآن الكريم، قائمة فيه حتى اليوم، بدعم من فاعلي الخير بالمدنية والذي يتكفلوا بمرتبات المدرسين .

ويقول القائمون على المدراس إن جامع المظفر، تتخرج منه دفع حفاظ لكتاب الله كل عام وهذا بفضل فاعلي الخير.