صيد الوعول.. حكاية الأجداد التي توارثها الأبناء في حضرموت (صور وفيديو)
حمل الشباب اليمني محمد ذو الخامسة والثلاثين عاماً، سلاحه الشخصي وزاده من الماء والغذاء، متوجهاً مع أبناء بلدته، في رحلة صيد الوعول، التي تعد مورثاً شعبياً منذ آلاف السنين بمحافظة حضرموت شرقي البلاد.
تحرك محمد وفريق الصيد، عقب اجتماع حدد
فيه قائد الفريق، ويسمى في حضرموت "المقدم"، سير الرحلة وأماكن الصيد
التي سيقصدونها، ووزع المهام على أعضاء الفريق.
مشياً على الأقدام يقطع أعضاء الفريق
مئات الكيلو مترات، حاملين على أكتافهم سلاحهم وزادهم، يرددون أشعاراً "وزوامل"
لإبعاد الملل والكسل وشحذ الهمم، حتى بلغوهم إلى الأودية والشعاب وقمم الجبال، حيث
تبدأ رحلة البحث عن الوعول.
يقول محمد ربيحان، قائد فريق الصيد في إحدى
بلدات محافظة حضرموت، لـ "مانشيت"، إن " قناصة الوعول، تعود
تاريخها في حضرموت إلى قبل الميلاد، وهي مورث شعبي تداوله الأبناء عن الأجداد جياً
بعد جيل".
وأشار إلى أن قناصة الوعول تمارس في
فصل الشتاء، وتعارف السكان في حضرموت على أيام محددة لكل منطقة تنظيماً لهذا
المورث.
ولفت إلى أن رحلة صيد الوعول تستغرق
أسبوعاً كاملاً يقضيها أعضاء الفريق في الجبال والمرتفعات بحثاً عن الوعول، التي
تختبئ في بين الصخور وقرب برك مياه المنتشرة في الأودية وسفوح الجبال.
وذكر أن الصيد يتم بطريقتين وهي نصب
الشباك والأخرى بالسلاح الآلي، موضحاً أن الطريقة الأولى قلّ استخدامها، وبات السلاح
الطريقة الأكثر شيوعاً.
يواصل الفريق رحلته الشاقة، التي
تتزامن مع البرد القارس، وفي حالة الظفر بصيد وعل من قبل أحد أعضاء الفريق، يتم
إطلاق الرصاص بكثافة ومناداة الجميع بالخبر.
يذبح القناصين الوعل، ويقطعون لحمه، ثم
يقومون بجمعه إلى قائد الفريق، ويتم توزيعه، وإبقاء بعضه لتوزيعه فور عودتهم إلى
البلدة على كبار السن من عشاق رحلات صيد الوعول، الذين منعهم المرض أو كبر السن من
الذهاب معهم.
يفد الفريق أحد أعضائه ويسمى
"المُبشر" إلى البلدة لإخبارهم أن الفريق ظفر بصيد وعل، عندها تعم
الفرحة أرجاء البلدة، وتجري الاستعدادات لاستقبال الفريق في اليوم التالي.
ويحظى القانص الذي ظفر بصيد الوعل
بالرأس وقرونه ويسمى القشعة، التي يضعها على منزله من الخارج، وترمز إلى الفخر.
الشاب زكي باعديل، يقول
لـ"مانشيت"، إنه "مواظب على ممارسة رحلة الصيد، حفاظاً على تراث
أجداده، والاستماع بهواية الصيد التي يحبها".
يصطف السكان في الشارع العام للبلدة،
لاستقبال الفريق الذي يدخل ويلوح برأس الوعل، مع إطلاق الرصاص في الهواء، وترديد
الأشعار، حتى يصلون على ساحة عامة، حيث يواصل الأهالي فرحتهم بالألعاب الشعبية،
وإلقاء الأشعار والمسجلات الشعرية.
ويقول مكتب البيئة الحكومي بحضرموت
لـ"مانشيت"، إنه يعتزم سن آلية تنظم صيد الوعول لعدم انقراضها، مع
الحفاظ على ممارسة المورث الشعبي".
ويشير إلى أن التوعوية ودعم ممارسي هواية الصيد، إضافة إلى تنظيم عملية الصيد وترتبيها بنظم تحدد نوعية وسن الوعول الجائز صيدها والممنوع صيدها، للحفاظ عليها من الاندثار.