الرياض. من الجملة للمفرق
عندما كانت حكومة المملكة العربية السعودية تتعامل مع مشائخ اليمن - ومنهم العقيد علي عبدالله صالح - كانت تدرك طبيعة المجتمع اليمني الذي لايمكن تعريفة الا من خلال جماعات وكيانات،لا أفراد مهما كان شأنهم. حتى الشيخ الأحمر، تعاملت معه اخيرا كشيخا لقبيلة (الإصلاح)، بعد ان ضعف دور القبيلة في اليمن بُعيد بزوغ عهد الديمقراطية والتعددية الحزبية مع توحيد اليمن.
وهكذا فشلت قبيلة الأحمر في توقيف قطار توريث صالح لنجله على حساب شيوخها، ونجحت الاحزاب اليمنية في ازاحته من الحكم دفعة واحدة.
ماتبقى من رمزية محدودة للقبيلة ونظام المشيخ، سحقه الغزو الحوثي لكل مؤسسات المجتمع التي تصور فيها مقاومة مشروعة، ودفن آخر (حروزها) تحت انقاض (بيت الخمري) سنة ٢٠١٤م.
في حفل توقيع المبادرة الخليجية أمام الملك عبدالله رحمه الله، تجلت هذه التركيبة للمجتمع اليمني الجديد في الرياض من خلال حضور أمناء الاحزاب اليمنية دون غيرهم.
وفي اتفاق السلم والشراكة سعى الحوثي لحضور هؤلاء في المشهد السريالي ليلة الحادي والعشرين من سبتمبر ٢٠١٤م. حتى الرئيس هادي ليلتها لم يكن توقيعه بأهم من توقيع امين عام حزب سياسي في نظر الحوثي وشهود المجتمع الدولي.
وفي مؤتمر الرياض الأول ٢٠١٥، كان للاحزاب الدور الأكبر - من خلال اللجنة التحضيرية للمؤتمر - تعبئة الرأي العام اليمني الى جانب عاصفة الحزم، وتبرير التدخل السعودي في اليمن أمام المجتمع الدولي.
ان اكبر الانتقادات التي وجهت لمؤتمر الرياض الأول، تركزت حول شرعية عدد (قليل) من الأعضاء القادمين من سوق البطحاء او صفحات الفيس بوك.
عشية انعقاد المؤتمر الثاني ٢٩مارس الجاري. يتسأل الرأي العام اليمني والمراقب الدولي، عن كثافة تمثيل نشطاء وناشطات الميديا في المؤتمر، وأظهرت القوائم والصور المسربة تراجع كبير في تفاعل القوى والنخب السياسية والاجتماعية مع سياسة المملكة في اليمن، وتأثير الاستقطاب الإقليمي-الرياض وابوظبي - على تفكك الموقف الداعم لتدخلهما في اليمن، في مقابل تماسك وصلابة موقف الانقلاب الحوثي وتعاظم خطورة تهديداته الأمنية وممانعته السياسية في ملف السلام.
ففي الوقت الذي يتحدث الحوثي عن السلام من منطلق تمثيله المزعوم للدولة اليمنية وذوده عن سيادة اليمن وصيانة كرامة اليمنيين.
في نفس الوقت، تقزم الرياض الطرف المقابل (حلفائها) في هيئة حفنة نشطاء وناشطات من هواة الميديا الجديدة لاغير.
ان الحديث عن السلام يفترض ان يكون الحديث عن طرفين في المشهد، أو حتى عدة أطراف يكون لجلوسها في المؤتمر معنى ولموقفها صدى. غير أن مؤتمر الرياض(2) كما يبدو - من قوائم اسماء الأعضاء- لايعبأ بحيثيات السلام ،ولا موقف الأطراف.