الخياط على الجروح قبل تصفيتها لا يجدي
تعددت اللقاءات والاجتماعات منذ فترة لمحاولة لم الشمل الحضرمي وجمع الكلمة ولكن نجاحات تلك اللقاءات والاجتماعات ظلت دون المستوى المطلوب. في نظري ان احد اهم اسباب ذلك اننا وفي كل مرة لا نضع ايدينا على الخلل ولا نقف بشجاعة لنواجه واقعنا ومشاكلنا واسباب فرقتنا.
في اعتقادي ان وجه حضرموت حاليا به شروخ عميقة تحتاج اولا لعلاج وبلسم قبل البدء في الحديث عن لم الشمل لان ذلك سيكون بمثابة خياط على جروح متسخة.
سالقي الضوء على اهم ثلاثة جروج في وجه حضرموت والتي ان اردنا جمع الكلمة ومصلحة حضرموت ان نبدا صادقين في مواجهة هذه الجروج وامتلاك الشجاعة الكافية للحديث عنها والتجرد عن المصالح الشخصية والضيقة للمصلحة العليا.
الجرح الاول سياسي ذو طابع مناطقي متمثل في الصراع بين الوادي والساحل وبصورة ادق بين موتمر حضرموت والمرجعية وهو واضح انه صراع على التمثيل والقيادة. ما لم نتخلص من النظرة الشخصية للموضوع والمحاولة الجادة لايجاد صيغة تجمع هذه المكونات الكبيرة سنظل ندور في حلقة مفرغة
المسؤولية ملقاه على عاتق القيادتين في المكونين لاستشعار الامانة والنظر للمصلحة العامة في هذا المنعطف التاريخي واقتناص هذه الظروف للعمل لحضرموت.
الجرح الثاني جرح اجتماعي عمقته الاحدات السياسية المتعاقبة منذ الاستقلال وهو متمثل في الخلاف بين الكتلة الحضرية والكتلة القبيلة في المجتمع الحضرمي وهذا الجرح اخطر بكثير من الاول نظرا للابعاد الاجتماعية المرتبطة به
مهما حاولنا الادعاء ان مجتمعنا بخير من هذه الناحية فان هذا الادعاء فاقد للواقعية والمصداقية وحينها سنكون كالنعامة للتي تدس راسها في التراب
هذا الخلاف لا يخفي على المتتبع لما يكتب في وسائل التواصل من كثير من النشطاء الحضارم من الكتلتين وهو ما يجعل كل طرف يستقوي بقوى خارجية ظنا منه انها ستمكنه من اخذ حقه من الكتلة الاخرى
نحتاج التجرد والقرب من بعضنا البعض ووضع مصلحة حضرموت فوق الجميع ونظمن لبعضنا البعض الحقوق المتساوية والتمثيل اللايق في مستقبل حضرموت وسلطتها وثروتها.
اعتقد تجربة موتمر حضرموت الجامع رائعة في قطع شوط في هذا الخصوص ولكن تحتاج الى تطوير وبناء عليها لاكمال المشوار في بلسمة هذا الجرح الغائر.
الجرح الثالث هو الخلاف الديني المتمثل في صراع التيارات الدينية داخل حضرموت وهو يهدد السلم الاجتماعي ان لم يتداركه العقلاء ولنا عبرة في المناطق المجاورة.
خطورة هذا الجرح تاتي من استقواء كل فريق باطراف خارجية على حساب الاخرين دون مراعاه المصلحة العليا لحضرموت
ما نحتاجه هو التقاء العقلاء من كل التيارات والتوصل الى ثوابت وقواعد اساسية يلتزم بها الجميع تمنع التحريض والتحريض المضاد وتجعل مصلحة حضرموت وساكنيها من كل القناعات فوق كل شي.
تجربة موتمر حضرموت الجامع ومخرجاته رائعة جدا وتصلح للبناء عليها وتطويرها ليصبح الجامع ضابط الايقاع لكل هذا التنوع السياسي والاجتماعي والديني داخل حضرموت بما يحقق مصلحتها ويضمن مستقبل اجيالها.
طرحت هذا الطرح في اخر اجتماع حضرته لفريق حضرموت الخير في المكلا في اخر زيارة لي للبلاد ولاقى استحسان الجميع وانا مستعد للمساهمة في وضع الية للمضي قدما في خطوات عملية لبلسمة هذه الجروح الثلاثة.