الميليشيات الحوثية وتجنيد الأطفال!
عندما نتحدث عن الميليشيات الحوثية فنحن نتحدث عن جماعة «قروسطية» تعيش في أدغال التاريخ، وأتصور أنها لا تعي وجود قانون دولي يتفرع منه قانون لحقوق الإنسان، وهيئات وآليات ومنظمات دولية وإقليمية تُعنى بها، وأن انخراطها في العمليات الحوارية والاتفاقات التي تهدف إلى إنهاء النزاع وإحلال السلام، ليس أكثر من مشاركة شكلية، تدار عن بُعد من قبل بعض الدول والأطراف الداعمة لهذه الميليشيا.
يصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقارير سنوية عن الأطفال والنزاع المسلح، وقد أدرج في عدد من تقاريره تلك، الحوثيين كطرفٍ ضالع في تجنيد الأطفال وقتلهم وتشويههم والهجوم على المدارس و/أو المستشفيات، وأرى أن الأمين العام بهذه الإدانات يدور في حلقة مفرغة، لأن هذه الجماعة لا تفقه لغة القانون والنظام الدولي وحقوق الإنسان إطلاقاً!
لعله من المآخذ على القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتقارير الأمين العام والعمل الأممي في هذا السياق، اعتبار مثل هذه الجماعة طرفاً في النزاعات المسلحة، يُواجه بالتزامات قانونية وأخلاقية، وإن كان لا يترتب على ذلك اعتراف دولي بها. إذْ كان ينبغي الاقتصار على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة للتعامل مع هذه الجماعات التي تنطلق من أيديولوجيات عنصرية وإرهابية! والتي أكدت على الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء «الأمم المتحدة»، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي. مع العلم بأن البروتوكول الاختياري لاتفاق حقوق الطفل، المتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، قد تضمن في ديباجته التشديد على عدم الإخلال بالمقاصد والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، بما فيها المادة 51 والمعايير ذات الصلة في القانون الإنساني.
يعتبر تجنيد الأطفال دون الـ15 من العمر إلزامياً أو طوعياً في القوات المسلحة أو في جماعات مسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في الأعمال الحربية، جريمة حرب وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي)، وقد أوصى المؤتمر الدولي الـ26 للصليب الأحمر والهلال الأحمر المعقود في كانون الأول (ديسمبر) 1995 بأن تتخذ أطراف النزاع كل الخطوات الممكنة لضمان عدم اشتراك الأطفال دون سن الـ18 في الأعمال الحربية. كما تضمن اتفاق منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها التي اُعتمدت بالإجماع في حزيران (يونيو) 1999، حظر التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في المنازعات المسلحة.
وقد تُوّج هذا الحراك القانوني الدولي بصدور البروتوكول الاختياري لاتفاق حقوق الطفل، المتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الذي أشرت إليه آنفاً، متضمناً رفع السن التي يمكن عندها تجنيد الأشخاص في القوات المسلحة واشتراكهم في الأعمال الحربية انطلاقاً من مبدأ مصالح الطفل الفضلى في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، والذي يعتبر من المبادئ الأساسية التي أقرها اتفاق حقوق الطفل.
وبالنسبة للمجموعات المسلحة غير الحكومية، فقد تضمنت المادة الرابعة من البروتكول أنه لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الـ18 في الأعمال الحربية. كما تضمنت هذه المادة، أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة عملياً لمنع هذا التجنيد والاستخدام، بما في ذلك اعتماد التدابير القانونية اللازمة لحظر وتجريم هذه الممارسات، وفي تقديري أن هذا الحكم يخوّل قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، إلى جانب القوات الحكومية اليمنية، وضع حد لتجنيد الأطفال اليمنيين من قبل الميليشيات الحوثية بأي وسيلة مناسبة، وأرى ضرورة استحداث خطة أو استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، مع إشراك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي يقوم بجهود كبيرة في هذا السياق تشمل تقديم المساعدة للأطفال المجندين من قبل الميليشيات الحوثية، وتأهيلهم، واتخاذ تدابير وقائية تحول دون جعل الأطفال عرضة للتجنيد.