بين التهنئة والزيارة.. إلى أين تتجه علاقة رئيس الوزراء اليمني بالإمارات؟

مانشيت - خاص:

لا تزال الهجمة الشعواء التي شنتها الآلة الإعلامية الرسمية التابعة للامارات العربية المتحدة وكذا أذرعها وخلاياها الإعلامية في اليمن على الدكتور احمد عبيد بن دغر رئيس الوزراء السابق ماثلة للعيان، وتلك العراقيل التي وضعتها مليشيات النخب والأحزمة الأمنية التي شكلتها الامارات في سبيل إفشال  حكومة بن دغر والحيلولة دون ممارسة مهامها من عدن عاصمة اليمن المؤقتة.

في المقابل تمارس حكومة الدكتور معين عبدالملك أعمالها من قصر معاشيق بعدن رغم التصعيد الذي تشهده المدينة وعدد من المحافظات المحررة في الجنوب وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على المشهد ويقود لوضع الكثير من علامات الاستفهام حول غض الطرف من قبل المجلس الانتقالي والنخب والأحزمة عن حكومة الدكتور معين وفي المقابل استهداف السلطات المحلية في سقطرى وشبوة تحت لافتات ليس من بينها رفض الحكومة او المطالبة بالخدمات.

تحول الامارات دون عودة بعض الوزراء الى عدن ومزاولة أعمالهم من هناك ورفضت بشدة السماح للبرلمان بعقد جلساته من عدن الامر الذي اضطره لعقد جلسته غير الاعتيادية في مدينة سيئون، وتضع العراقيل عبر أدواتها أمام محافظي سقطرى وشبوة حد تشجيعها تشكيلات خارجة عن القانون على استخدام السلاح ضد السلطات في هذه المحافظتين.     

هذا الموقف المتصلب غير مستخدم مع حكومة الدكتور معين فقد تلقى الرجل بالتزامن مع قرار تكليفه رئيسا للوزراء تهنئة من القيادة الاماراتية بهذ المناسبة، ومؤخرا تمكن من القيام بزيارة رسمية للإمارات بعد تلقيه عدد من العروض التي قوبلت بالرفض من قبل الرئاسة بسبب العلاقات المتوترة بين الطرفين على خلفية الأدوار التي تمارسها الامارات وتهدف الى تقويض الشرعية.

وفي هذا السياق أكد لنا مصدر خاص أن الدكتور معين عبدالملك التزم مؤخرا للقيادة الإماراتية بمواجهة كافة القوى المناوئة لها وخاصة تلك الموجودة في عدن.

وقال مصدرنا الخاص إن رئيس الوزراء عبر اثناء زيارته الأخيرة للإمارات بأنه يعتبر نفسه أحد سكان أبوظبي وقطع وعدا بأنه سيسخر نفسه ومنصبه وإمكانياته لخدمة الإمارات ولمجابهة القوى المناوئة لها في اليمن وخاصة تلك الموجودة في عدن والتي تحاول ان تتصدر المشهد وتسيطر عليه.

وتمنع الامارات رئيس الجمهورية من العودة الى عدن وتضع امام عودة الشرعية وتطبيع الإرضاع في المحافظات المحررة كل العراقيل في المقابل تشرف بشكل مباشر على تشكل مليشيات مسلحة خارج الدولة وترعى كل الأنشطة التي تستهدف الرئيس وعلى رأسها تمويل أنشطة خالد بحاح نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء السابق الذي يقدم نفسه كبديل، وعلى هذا الأساس ترفض ابوظبي التعامل مع أي مسؤل حكومي يدين بالولاء للرئيس والشرعية، وفي هذا السياق فإن الوعود التي قطعها الدكتور معين عبدالملك مع الامارات تكون بالضرورة ضد الرئيس بالمقام الأول. 

ومؤخرا أشهرت قوى سياسية واجتماعية الائتلاف الوطني الجنوبي الذي يرأسه الشيخ احمد صالح العيسي، وقلل المجلس الانتقالي الجنوبي من أهمية اشهار الائتلاف وأطلق عدد من قادة المجلس الانتقالي تصريحات محرضة على الائتلاف وحاول افشال حفل الإشهار اكثر من مرة، ويضم الائتلاف ممثلين للأحزاب السياسية ومكونات حراكية ذات تأثير وحضور كبير وهو ما شكل حالة قلق لقادة المجلس الانتقالي الذين يقدمون أنفسهم كممثل وحيد للشارع الجنوبي.

ونفذ المجلس الانتقالي الجنوبي عدة محاولات انقلابية ابرزها ما شهدته عدم في 28 يناير قبل الماضي والتي انتهت بتدخل المملكة لصالح الشرعية، وساهم استعداد وجاهزية قوات ألوية الحماية الرئاسية التي تتبع الحكومة الشرعية في كبح جماح تلك المحاولات الانقلابية وكذا تطلعات الحزام الأمني في تفجير الوضع بعدن، وكان الدور الذي لعبه الشيخ العيسي نائب مدير مكتب الرئاسة في دعم هذه الألوية إبان تشكلها قبل سنوات، اضافة الى ادوار اخرى داعمة للشرعية وللرئيس هادي سببا في وضعه على لائحة الامارات للاغتيالات وهو ما أكده عادل الحسني في حواره مع الجزيرة قبل نحو عام وأكدته المعلومات التي تم كشفها من اكثر من مصدر.

ويتواجد رئيس الحكومة حاليا بعدن التي تشهد توترا متصاعدا ويتطلب الأمر موقفا واضحا منه إزاء هذه التطورات التي تشبه ما قبل انقلاب 28 يناير،  فهل يكتفي رئيس الوزراء بالتغريد في تويتر بأنه "يعمل في كل لحظة على معالجة بؤر التوترات ومنع حدوث اي تداعيات مستخدما في ذلك ادوات الدولة واساليبها وقنواتها"؟، وهل أدوات الدولة وأساليبها تسمح بإنشاء مليشيات مسلحة خارج مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية كما هو حال النخب والأحزمة الأمنية؟!


يتحدث رئيس الوزراء في تغريدته الأسبوع الماضي عن عمله بعيداً عن توظيف القضايا الوطنية للإثارة والكسب السياسي، فما الذي يقصده؟ وهل الانتصار للدولة يفهم في سياق الكسب السياسي؟ ثم ان مثل هذا الحديث مقبول من قيادات حزبية وسياسية وليس مقبول من رجل دولة ومن رئيس الحكومة والمسول التنفيذي الاول المعني بتطبيق القانون وحماية حياة الناس ومصالحهم.

يقول رئيس الوزراء :"ان الحفاظ على الامن ونزع التوترات وتطبيق القانون مهمة اجهزة الدولة ومحور عملنا مع السلطات المحلية في كافة ارجاء البلاد"، وهذا الأمر صحيح ويقتضي الوقوف بحزم في وجه الانقلابيين في المحافظات المحررة ونزع سلاح المليشيات الممولة من قبل الامارات، فأي استهداف للسلطات المحلية لا يعد استهداف شخصي لرئيس الجمهورية كما يتم الترويج له وانما استهداف لمنظومة الشرعية برمتها ولجهود التحالف العربي.

لا تنحصر مهمة رئيس الوزراء في الاكتفاء بمتابعة ما يحدث في سقطرى وشبوة والتوسط للإفراج عن عناصر المليشيات الخارجة عن القانون المحتجزة من قبل قوات الجيش والأمن وانما اعلان موقف حازم والتحرك لزيارة هذه المحافظات ان اقتضى الامر فالتغريد في تويتر لن يحل مشكلة والأماني لا تصنع النصر.

سؤال أخير يطرح نفسه بقوة؛ هل سيعلن الدكتور معين عبدالملك موقفا وطنيا ينحاز فيه لليمن ويغلب مصالح شعبه حتى لو كان على حساب علاقته مع الامارات التي تقف خلف هذه الفوضى وتمولها؟ أم أنه سيتفرج ويلوذ بالصمت؟ أم أنه سيكتفي بإطلاق تصريحات يلوي فيها عنق المصطلحات ليظهر من خلالها أنه يساند الرئيس ويقف في صف الجيش والمشروع الوطني وفي الوقت ذاته يقدم التسهيلات لمشاريع الفوضى والدمار الممولة من ابوظبي؟!

الأيام القادمة كفيلة بكشف المستور وإخراج الخفايا!!