مالذي يرعب "المجلس الانتقالي" من احتجاجات عدن؟

مانشيت - خاص:

تدخل الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في مدينة عدن يومها الخامس في ظل شبه اجماع على ضرورة انهاء حكم المليشيات وتسلطها على ابناء المدينة التي كان آخر ضحاياها الشاب رأفت دمبع، حيث يطالب المحتجون بضرورة سرعة تسليم الجناة و تقديمهم للعدالة كي ينالوا جزاءهم العادل.

لكن جوهر المشكلة قد يبدو للعارف بخبايا الأمور أكبر من قضية قتل حيث عبرت الاحتجاجات عن مدى الاحتقان الذي يسود الشارع العدني من جملة ممارسات مسيئة يقوم بها محسوبون على المجلس الانتقالي وينتمون الى محافظات مجاورة، حيث تشهد المدينة عمليات نهب منظمة للأراضي تحت لافتات أسر شهداء وجرحى المقاومة الجنوبية! كما تشهد المدينة انفلاتا امنيا و عمليات اغتيال طالت شخصيات عدنية على مدى 4 سنوات، وتعرض اغلب كوادرها للاعتقال والتهجير القسري.

اضافة الى ذلك فقد اقصي ابناء المدينة من اغلب المناصب القيادية في السلك المدني والعسكري.

ممارسات أعادت للأذهان سلوكيات الفريق المنتصر عقب الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 حيث سيطرت الجبهة القومية على مفاصل الدولة و قامت باجتثاث جميع الكوادر العدنية المحسوبة على جبهة التحرير الذي قدر عددهم بالالاف وبقرار جمهوري.
مؤخرا وصم نشطاء المجلس الانتقالي الاحتجاجات الاخيرة في عدن بأنها تخدم الإرهاب، 
هو الارهاب اذن من يحرك الشارع في عدن من وجهة نظرهم! وليس حجم الظلم والتعسفات التي طالت ابناءها.

يعتقد نشطاء الانتقالي بأنهم هم المستهدفون بتلك الاحتجاجات، وذلك الشعور نابع من الغربة في هذه المدينة التي لا يعيشون آلامها و آمالها على حد سواء. كما أن ذلك الشعور قد ياتي من يقينهم بالوقوف خلف حالة العبث الذي لم تشهدها عدن خلال تاريخها الطويل.

وكان القيادي الجنوبي الدكتور عبدالرحمن الوالي كشف في تصريحات صحفية بأن 60% من عمليات البسط والنهب والبلطجة في العاصمة المؤقتة عدن يقوم بها محسوبين على المجلس الانتقالي .

وقال الدكتور الوالي إن المجلس الانتقالي فقد الكثير من شعبيته ومصداقيته خلال العام الأخير، مضيفاً الناس ترى ان 60 % من الناهبين والباسطين والبلاطجة بعدن محسوبين عليهم.

تحرك الشارع العدني في هذا التوقيت و بهذا الزخم المتواصل أرعب القوى المناطقية والقبلية التي باتت تتحكم في رقاب الناس ومصائرهم في المدينة منذ 4 سنوات، وباتت تخشى على منظومة المصالح التي استحوذت عليها خلال تلك الفترة.

كما إن المطالبة برفع حكم المليشيات عن المدينة يضع الانتقالي على المحك وهو الذي يعتمد اعتمادا كليا على الاستقواء بالسلاح خارج الدولة لفرض رؤاه السياسية.

صراع اختزله مشهد وقوف المواطن العدني ابراهيم الزيادي ابن الشيخ عثمان و الذي جاوز الثمانين عاما الاسبوع المنصرم ‏أمام عيدروس الزبيدي ليطالبه بالاعتذار لأهل عدن بما اقترفوه في حقهم خلال خمسون عاما.بعد أن بلغ السيل الزبى.

هو إذن صراع اجتماعي في احدى تجلياته ويلبس لبوس السياسة لكنه اعمق من اختزاله في قضية مقتل الشاب (رأفت) وإن كانت  هي القشة التي قصمت ظهر البعير، صراع يستدعى فيه التاريخ والجغرافيا بكل تفاصيلها و ملامحها بل ورموزها لكن المتغير الأبرز قد يكون في نتائج ذلك الصراع بعد أن وعت عدن الدرس جيدا وبالطريقة الصعبة.