"شُحّ الكتاب المدرسي".. عائق حقيقي أمام العملية التعليمية بأبين

مانشيت - مازن سميح - خاص:

تواجه العملية التعليمية في محافظة أبين، مشكلة غياب الكتاب المدرسي، الذي يعدّ واحداً من أهم الوسائل لتعليمية التي تسهم بشكل فعال ومؤثر في الارتقاء بالعملية التعليمية.

ويشكو معلمين وأولياء أمور الطلاب في محافظة أبين من هذه المعضلة المتكررة في كل عام دراسي، مع اقتراب امتحانات نهاية الفصل الدراسي الاول للعام الحالي ، في حين لا تزال قضية الكتاب المدرسي، الذي يعاني الطالب من شحته أو غيابه في كثير من الاحوال، قضية جدلية تتجدد فصولها مع بداية كل عام دراسي جديد، بين انعدامه وقلة وجوده.

يقول طالب مرحلة الثانوية، معين أحمد، في حديثه لـ"مانشيت" إن معاناة تأخّر وصول الكتب المدرسية أو نقصها "متكررة مع بداية كل عام دراسي، حيث تصل في الغالب بعد مرور عدة أشهر أو قد لا تصل نهائيا ، وهو ما يعيق عملية المذاكرة والاستعداد والتحضير للامتحانات ".

ويتمنى الطالب علي الكازمي، أحد طلاب المرحلة الأساسية بأبين، أن "يتم توفير الكتب الدراسية المقررة قبل بداية كل عام دراسي ، اي قبل نهاية السنة التي اكملتها ، لازم تسلم لي كتب السنة القادمة حتى يتسنى لي الاطلاع على المنهج الدراسي للعام القادم وتكون عندي خلفية بالدروس واهيئ نفسي للمدرسة وبالتالي يكون ادائي افضل ".

بعض أولياء الامور، يكررون زياراتهم للباعة المنتشرين في الاسواق ، وربما يضطر البعض منهم الى الذهاب للمحافظات المجاورة لسد احتياجات ابنائهم من الكتب المدرسية ، كما يقول ولي الامر " فهمي القاضي ".

ويضيف القاضي، في حديثه لـ"مانشيت" :"نتيجة تأخر أو انعدام المنهج المقرر فإن الذهاب الى الباعة اقرب الطرق للحصول على الكتب الدراسية ، حيث ان الكتب الناقصة التي لا تتوفر في المدارس نجدها معروضة في ارصفة الاسواق ، وبالتالي فاننا نقبل على شرائها بتلقائية ".

وقد تختلف اسباب تأخر الكتاب المدرسي او انعدامه من عام الى آخر، لكنها تبقى قضية لا يستطيع احد تجاوزها او حلها .

العاملون في الميدان التربوي يرون أن الخلل يكمن في عدم وصول الكتب الدراسية دفعة واحدة ، وهو ما يؤدي ليس فقط الى نقص بعض المناهج المقررة بل ويفرض عليهن اعباء وتكاليف اضافية لعملية النقل المستمرة من مخازن الوزارة الى المدارس.

ويقول الاستاذ  ياسر الياسري، وكيل مدرسة العروس بمديرية مودية، إن "الحل يكمن في توفير مخازن للكتب الدراسية في كل منطقة تعليمية لمنع التردد المستمر والمكلف في نفس الوقت على مخازن الوزارة".

بدوره، يقترح أستاذ اللغة الانجليزية، إبراهيم السيد، أن تقوم الوزارة بضم كتابي الجزء الاول والثاني في كتاب واحد، باعتبار ان الكتاب هو الوسيلة التعليمية الوحيدة للطالب والمعلم على حد سواء ، وتأخر وصول هذا الكتاب او نقصه يمثل خللا واضحا في سير العملية التعليمية .

في المقابل يتعامل بعض القائمين على العملية التعليمية في السلك التربوي مع هذه المشكلة بجهود ذاتية ، ومبادرات تستحق الاشادة ، منها توفير بعض الكتب المستخدمة واعادة توزيعها على الطلاب لسد العجز .

ويعتقد الاستاذ امين رجب، مدير ثانوية "الفريض" في مودية، أن " تجربة اعادة الكتب المسترجعة قد تحل جزءا من المشكلة لكنها لا تحل المشكلة بشكل كامل في كثير من الاحيان خاصة في مدارس الاولاد ، حيث تكون الكتب قد تعرضت للتمزيق في معظم محتوياتها او انه قد تم حل تمارينها من طلاب السنوات السابقة وبالتالي لا جدوى من اعادة استخدامها خاصة كتب التمارين لمادتي اللغة الانجليزية واللغة العربية ".

المسؤولون في السلك التربوي يعزون تأخر وصول الكتب المدرسية او نقصها الى الاضطرابات التي تشهدها البلاد ، والتي ألقت بظلالها على عملية طباعة وتوزيع الكتب. وفي هذا السياق تحدث الاستاذ " سعيد الصالحي " مدير مكتب التربية والتعليم في مودية قائلا : " مؤسسة الطباعة كغيرها من قطاعات ومؤسسات الدولة طالها تأثير الأزمة الراهنة في البلاد على مدى الاعوام السابقة منذ عام 2011 وحتى العام الحالي ، فوجود المؤسسة ومكاتبها في المناطق الساخنة التي تشهد الصراع اعاق وصول الموظفين والمختصين والعمال ، زد على ذلك مشكلة الكهرباء وانقطاعاتها المتكررة في الوقت الذي يعتمد فيه اداء المؤسسة على الكهرباء بشكل كلي ، ناهيك عن انعدام الوقود الذي شكل عائقا كبيرا امام اعمال المؤسسة ، وحد من القوة الانتاجية بشكل لافت".

ويظل الكتاب المدرسي اهم مدخلات العملية التعليمية ، كما هو ايضا الحصيلة التي يتنافس عليها الجميع في كل عام ، وبالتالي فإن هناك سؤالا يطرح نفسه :

من المسؤول عن ذلك العبث التي تبدا رحلته مع تأخر الكتاب المدرسي وصولا إلى نقصه او انعدامه ؟ ولماذا لا تقوم الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم بدورها الكافي في توفير احد اهم وسائل العملية التعليمية بداية كل عام دراسي ؟.

اسئلة ربما تتوارد دون اجابات، حيث تبقى الرقابة غائبة عن الكتاب المدرسي الذي يظل غير آمن من التسريب الى الأسواق.. وجهود حكومية غير واضحة من اجل توفير الكتاب المدرسي ليصل في موعده باعتبار أن مستقبل جيل بأكمله مرهون بكتاب، فإن غاب، غاب معه الهدف الذي من أجله وجد.