الشعر والأدب في مهمة إذكاء روح المقاومة ضد المحتل البريطاني
تعددت منابر الأدب والفن في أداء رسالة ثقافة المقاومة، وفي تحقيق أهدافها
التعبوية والتي الهبت حماس ابناء الشعب اليمني
للمضي قدما في طرد المستعمر البريطاني في الشطر الجنوبي ومقاومة الإمامة شمال الوطن
حتى الإطاحة بها .
لقد كان للأدباء والشعراء دور كبير في مقارعة المستعمر البريطاني وساعدت
أعمالهم الإبداعية الأدبية في تأجيج مشاعر
الشارع السياسي والاجتماعي في شمال الوطن وجنوبه، من خلال كتابة الشعر والنثر والأغنية
والقصة ، ومن خلال ما يبث من هذه الأعمال الأدبية والفنية والفكرية عبر إذاعة عدن وصنعاء
والقاهرة وصوت العرب، ومن خلال ما تنشر الصحافة اليمنية والعربية ودور النشر العربية
.
وكان ممن اعتلوا منابر الأدب والفن الدكتور عبدالعزيز المقالح ، والأستاذ
عبدالله البردوني ، والأستاذ عبدالله هادي سبيت ، والأستاذ محمد سعيد جرادة ، والأستاذ
إدريس أحمد حنبلة ، والأستاذ عبدالله فاضل فارع ، والأستاذ سعيد الشيباني ، والأستاذ
لطفي جعفر أمان ، والأستاذ صالح نصيب .
وكان من بين من غنوا للمقاومة والثورة الأستاذ عبدالله هادي سبيت، والفنان
محمد مرشد ناجي، والفنان أحمد بن أحمد قاسم، والفنان اسكندر ثابت، والفنان محمد محسن
عطروش، والفنان محمد سعد عبدالله، والفنان فرسان خليفة ، والفنان علي بن علي الآنسيى ، والفنان أيوب طارش ، والفنان محمد الحارثي
، والفنان أحمد السنيدار ، كل تلك الحناجر صدحت بالفن المقاوم للوجود البريطاني والحكم
الإمامي الكهنوتي البغيض .
يا شاكي السلاح
ولعل أهم قصيدة وطنية حماسية في ادب ثورة ال 14 عشر من اكتوبر ضد الوجود البريطاني ( ياشاكي السلاح) للشاعر والملحن الكبير عبدالله هادي سبيت الأغنية الوطنية " يا شاكي السلاح " تغنى بها الكثير ، من فناني لحج ك فضل محمد اللحجي وأحمديوسف الزبيدي ومحمد صالح حمدون وحسن محمد عطا .
ونورد بعض الأبيات من هذه القصيدة التي صارت على لسان كل مواطن ؛ كأغنية حماسية .
يا شاكي السلاح شوف الفجر لاح..
حط يدك على المدفع زمان الذل راح..
هذا الغير سيد واحناله عبيد..
يامن مات والله انه من القهر استراح..
هذا الماء سال هذا الغصن مال ..
هذا الزهر يتبسم على ضوء الصباح..
أرضي والنبي ويل الأجنبي..
ديني ومذهبي يأمرني ان أحمل سلاح
..
يدك ياأخي يدك ياسخي..
كم لك كم على جسمي وجسمك من جراح..
إيمانك سلاح ضامن بالنجاح..
لا تحيا على الأيام مقصوص الجناح ..
إن صاح النفير كم حر الضمير..
بايمشي مع الموكب على اذلاق الرماح..
باتلقى السماء في لون الدماء ..
يوم الدم يطير ملأ هذى البطاح ..
يالله الشباب آن الاكتتاب..
ارضك ملك لك والمغتصب حتما يزاح..
يالله لا الأمام بانحمى السلام..
يالله نشعل الثورة كفى من قول
آح..
وليحيا جمال قهار المحال..
يحيا الشرق ماعاشت شعوبه للكفاح..
هذه الأغنية الوطنية الحماسية كانت تبث من اذاعة صوت العرب في الستينات
القرن الماضي وكان لها وقع وأثر كبير في نفوس اليمنيين في الشطر الشمالي والجنوبي على
حد سواء .
محمد سعيد جرادة.. المناضل الجسور
الدكتور أحمد علي الهمداني تحدث
عن الشاعر محمد سعيد جرادة في كتابه عدن في عيون الشعراء قال فيه " لقد كان شاعرنا
مناضلاً جسوراً قارع الاستعمار البريطاني وفضح كل ألاعيبه فعندما عطلت حكومة الاحتلال
البريطاني دستور ما يسمى بالمجلس التشريعي لعدن وخلقوا دستوراً (مسخاً) صرخ شاعرنا
بقوة:
عطلوا الدستور في هذا البلـد فهو ثلــج ذاب إذ كــان جمــــد
فلقـــد شكلتمــــوه صـــــورة لا تثير العشق فــي قلب أحـــد
عـدن يا تـــاج بلقيس الــــذي بسنى السؤدد والمجـد اتقــــد
فادخــر حقـــدك للعقبـــى إذا عبــأ الشعــب قــــواه واتحــــد
وظل يقارع طلوع المستعمر وإحتقار وجوده بوطنية واعتزاز:
أيا مــن خضعنا لسلطانكم سئمناكم واعترانا الضجر
كفاكـــم بقاء طويلاً أســـاء إلينا وأكرم منه السفــــــر
دعونا نشاهد شعاع الصباح وسحر الأصيل ونــور القمر
دعونا نظن بأنـــــــا أنـــاس دعونا نحس بأنــــا بشــــر
ويقول الهمداني : إن شاعرنا العملاق الأستاذ محمد سعيد جرادة قد استطاع
أن يصل إلى أعلى المراتب وأن يتربع عرش الشعر والأدب في اليمن، وأثبت في الخمسينات
قدرته الفائقة في تهيئة الجماهير وتوجيهها لخوض نضالها العادل وبدء من سبتمبر 1962م
برز الجرادة كباحث أدب ينبش لنا من أعماق التاريخ الثقافي لليمن- من مقدمة ديوان لليمن
حبي- للأستاذ محمد عبده نعمان الحكيمي
عن الوطن/بقصيدة (وطني)كان بليغاً بل كانت كلماته دروساً:
وطني حملتك في صميم فؤادي كنزاً من الآثار والأمجاد
أنا لست حزبياً وأهوى موطني أأقيم حزباً كي أحب بلادي
واستمر في مغازلة الوطن:
غنيت لحن هواك يا وطني ترنيمة في مسمع الزمن
وهتفت باسمك ناشراً عبقاً من أرض قحطان وذي يزن
هذا صباحك شعّ،بسمته وضاءة في ثغرك الحسن
يمناه تورق بالربيع لنا وتوزع الخيرات لليمن
وقد أشاد الشاعر محمد سعيد جرادة
في كتابه بدور المرأة وانخراطها في خضم الصراع
ضد المستعمر المحتل ، ففي قصيدته التي كتبها في عام 1963م ( ثائرة من ردفان) :
فاتنة منعمة كالزهرة المبتسمة
تقلدت رشاشها والمدية المعلمة
تقدمت موكبها لبؤة منتقمة
يا بنت ردفان تحيات القوافي الملهمة
المرشدي روح الغناء الوثابة
يقول الفنان عصام خليدي عن الفنان الراحل محمد مرشد ناجي في مقال له تحت عنوان الفنان الكبير محمد مرشد ناجي روح الغناء
الوثابة وصوت الأمة..(خــــلاني وراح(
" عُـرف الفقيد منذ يفاعة الصبا وعنفوان الشباب مكافحاً ومناضلاً صلباً
عاشت قضايا أمته في خلاياه الدموية .
وكان يتنفسها فــناً وموسيقى ونغماً
مساهماً في تفعيل وسيرورة وتنامي الوعي الوطني والقومي وتطور مداركه الفكرية المنفتحة
إضافة إلى مواقفه الإنسانية والنضالية الصلبة والجسورة المشهودة (الــفــذة) في مقاومة
الظلم والإستعباد والقهر والعبودية والجهل والتخلف إبان الحكم الإمامي الكهنوتي في
شمال الوطن سابقاً والإستعمار البريطاني في جنوبه.
فمن منا لا يتذكر أناشيده الوطنية التي الهبت همم وحماس الجماهير العريضة
وأقضت مضاجع الطغاة الفاسدين الظالمين ورفدت المكتبة الفنية الغنائية الموسيقية اليمنية
والعربية بأعظم وأروع الأغنيات الخالدات التي كان لها السبق والريادة في توحيد الوجدان
والضمير الوطني والعاطفي لكل فئات وطبقات الشعب اليمني .. ناضل في سبيل العدل والإستقرار
نــاشـداً وآمـــلاً أن يعيش كل اليمنيين في سلام وسكينة وأمان .