المشهد السياسي والعسكري في اليمن: تحولات تكشف مأزق الرئاسي وخطأ الانتقالي ومخططات خارجية متعثرة

مانشيت _ تحليل خاص:

تشهد الساحة اليمنية هذه الأيام سلسلة من التحركات والزيارات والمواقف الدولية التي تعكس طبيعة المشهد المعقد، وتكشف عن تناقضات المشاريع السياسية للقوى المحلية والإقليمية.

ففي حين قام وزير الدفاع بزيارة قوات العمالقة وقوات طارق صالح، رافق ذلك صمت سعودي وإقليمي، بالتزامن مع زيارة وفد إسرائيلي إلى عدن، وحديث أمريكي عن "قوات طارق" بوصفها شريكاً فعالاً. كما عُقد في الرياض مؤتمر الأمن البحري الذي أكد دعم قوات خفر السواحل اليمنية. هذه المؤشرات لا تأتي بمعزل عن مخطط دولي وإقليمي سيُفرض على الأرض، رغم صراخ أدوات الإمارات التي تجد نفسها في موقع العكس من هذا الاتجاه.

مأزق مشروع الانفصال

يدرك المجلس الانتقالي الجنوبي أن مشروع الانفصال بات من الماضي، وسقط بفعل واقع جنوبي كاسح لا يقبل القسمة. فما يصدر عن قياداته لا يتجاوز البحث عن حصة أكبر في السلطة والنفوذ والمناصب. ذلك أن لا دولة إقليمية ولا دولية لديها مصلحة في تقسيم اليمن، بينما المستفيد الوحيد من هذا المشروع هو الحوثي وإيران.

السيطرة الهشة

يكرر الانتقالي مقولته "نحن المسيطرون على الأرض"، ويعتبر ذلك ورقة ضغط في أي تسوية أو محاصصة سياسية. غير أن هذه السيطرة نفسها تحولت إلى نقطة ضعف، إذ لم تُترجم إلى إنجاز أو استقرار أو أمان، بل إلى مزيد من الفشل والأزمات والصراعات والفوضى.

خطأ استراتيجي قاتل

أخطر ما وقع فيه المجلس الانتقالي هو ربط مشروعه الانفصالي في الجنوب ببقاء الشمال تحت سيطرة الحوثيين. ذلك أن استمرار الحوثيين شمالاً يتصادم مباشرة مع أمن الجوار، وأمن الملاحة الدولية، واستقرار المنطقة. وهو ما يكشف أن العقل السياسي الجنوبي لم يبلغ بعد مستوى الرشد، ولا يزال يكرر الخيبات دون أن يتعلم من التجارب.

الرؤية السعودية: أمن قومي لا يقبل المساومة

الرؤية السعودية تجاه تقسيم اليمن واضحة: فصل الجنوب عن الشمال ليس سوى مخطط إيراني يسهّل سيطرة الحوثيين شمالاً، ليكونوا خنجراً في ظهر المملكة. ومن هذا المنطلق تتعامل الرياض مع القضية بوصفها مسألة أمن قومي، ما يضع الانتقالي ومشروعه في ورطة سياسية واستراتيجية يصعب تجاوزها.

الانتقالي والحوثي: تقاطع يثير المخاوف

تلتقي مصالح الانتقالي مع جماعة الحوثي في نقطة خطيرة، هي تهديد حدود المملكة الجنوبية. وقد حذر سياسيون وكتاب سعوديون مراراً من تحول الانتقالي إلى أداة "جيوسياسية" في جنوب اليمن. وهذا ما يفسر التحركات السعودية الجادة في حضرموت لمواجهة أي خطوات انفصالية للانتقالي هناك، باعتبارها خطراً مباشراً على أمنها القومي.

وفي ذات السياق يمر مجلس القيادة الرئاسي وهو اعلى سلطة هندستها الرباعية المسئولة على الملف اليمني وتعصف به التجاذبات والإصطفافات والخلافات . اربعة مع الإمارات ومثلهم مع السعودية الأمر الذي عطل فاعلية المجلس وتفرغه لمشاكل البلد ومسئولياته تجاه المواطنيين حيث يمر الشهر الثالث دون ان تدفع لموظفي الدولة مستحقاتهم المالية.

بهذا، يتضح أن المشهد اليمني دخل مرحلة جديدة من الاصطفافات والتحالفات، حيث لم يعد هناك مجال للأوهام الانفصالية أو الرهانات الضيقة، في ظل معادلات إقليمية ودولية تفرض نفسها بقوة على الواقع.