الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها “الانتقالي الجنوبي” سنويًا من مثلث الجبايات بطرق ”غير قانونية”

مانشيت - عدن :

بين ”مدينة عدن” المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، ومحافظتي لحج وأبين (جنوب اليمن)، تتركّز سلطة “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وبهذا “المثلث الجغرافي” يتحدث السكان عن فرض المجلس إتاوات وجبايات “غير قانونية” على الشركات والتجار والمواطنين.

وطبقًا لتقرير صادر عن “مؤسسة خليج عدن للإعلام” فإن إجمالي الأموال التي يجبيها “الانتقالي” بطريقة “غير قانونية” تصل 21,376,254,867 ريال شهرياً (أي ما يعادل 17 مليون 46 ألف و455 دولار)، وتصل سنويًا إلى 256,515,058,404 ريال (ما يعادل 204 مليون و557 ألف و460 دولار).

التقرير الذي أُعد من واقع “مستندات رسمية، ومن الاستماع لشهادات ضحايا، ونزول ميداني، وتقص ورصد"، اتهم ”المجلس الانتقالي الجنوبي” بـ“استغلال أموال الجبايات التي تقدّر بمليارات الريالات يومياً “لصالح شبكات النفوذ العسكري والأمني في المجلس؛ بهدف تعزيز سلطته”.

وتتولى “اللجنة الاقتصادية” التابعة لـ“الانتقالي” فرض الجبايات “غير القانونية” على الوقود والبضائع في “المنافذ البرية، والبحرية، والشركات الخاصة، والبنوك، ومؤسسات الدولة، ومحلات الصرافة، والمحلات التجارية، وصولًا إلى البسطات”.

ووفق التقرير فإن جباية هذه الأموال يتم في “وضح النهار، وعلى مرأى ومسمع، وبسندات تحصيل تثبت أعمال النهب اليومي”.

حصاد الجبايات

بحسب التقرير، فإن عوائد الجبايات التي يفرضها “الانتقالي” على “المشتقات النفطية” تبلغ 7,223,636,000 ريال شهريًا، و86،683,632,000 ريال سنويًا.
موضحاً أن إجمالي الجبايات من “ميناء الحاويات وميناء المعلا” 1،650,000,000 ريال شهريًا، و19,800,000,000 ريال سنويًا.

ويبلغ ما يفرض على “مصانع الإسمنت” 240,118,867 ريال شهريًا، و2,881,426,404 ريال سنويًا.

وتصل عوائد الجبايات في النقاط المنتشرة بمحافظات (عدن، لحج، أبين) 7,762,500,000 ريال شهريًا، و93,150,000,000 ريال سنويًا.

فيما تبلغ “ضريبة القات” 4,500.000,000 ريال شهريًا، و54,000,000,000 ريال سنوياً.

جبايات على الشركات

اتهم التقرير “الانتقالي” بإلزام شركات “الوحدة، والوطنية، وأستار” للإسمنت، وهي شركات أهلية تتواجد بمحافظات عدن ولحج وأبين، بدفع 100 ريال على كل عبوة إسمنت (50كجم)، تحت مسمى “الدعم الأمني والعسكري”.

وذكر أن هذه الجبايات تورَّد إلى حساب بنكي رقم (١٢٢٦٠٢١٤٧) في شركة “القطيبي للصرافة”، وفق التقرير الذي استند إلى ما قال إنه تعميم صادر عن “الانتقالي” بتاريخ 4 سبتمبر/ أيلول 2021م.

وقال إنه في الربع الثالث من 2021م، حصد “الانتقالي” 619,416,400 ريال من الجبايات التي فرضها على شركة أسمنت “الوحدة” بأبين ومصنع ”الوطنية” بلحج. إضافة إلى ٢٥٢ مليون ريال من مصنعي “سيسكو- عدن“، و“المكلا ريسوت- عدن“، حيث يفرض شهرياً على الأوّل 60 مليون ريال والثاني ٢٤ مليون ريال.

 وسبق أن هدد مصنع “الوحدة” بإيقاف نشاطه وتسريح مئات العمال؛ بسبب ما قال إنها “مضايقات تتعرض لها شاحناته في النقاط الأمنية التابعة للانتقالي”، وفق التقرير.

جبايات الموانئ

وفي ميناء عدن الرئيسي (ميناء كالتكس للحاويات وميناء المكلا)، اتهم التقرير “الانتقالي” بإجبار التجار على دفع ٥٠ ألف ريال على كل حاوية أو قاطرة تخرج من الميناء.

 ويتراوح المتوسط اليومي لعدد الحاويات الخارجة من ”كالتكس” بين 600 إلى 700 حاوية، والقاطرات الخارجة من ”ميناء المعلا” 400 إلى 500 قاطرة يوميًا.

وفي الربع الثالث من 2021م، قال التقرير إن “الانتقالي” حصد من هذين الميناءين قرابة 500 مليار ريال. موضحاً أن متوسط ما يجبيه شهرياً من “ميناء كالتكس” 975 مليون ريال، و675 مليون من ”ميناء المعلا”، وبإجمالي مليار و650 مليون.

ووجه “الانتقالي” برفع الجبايات على المواد الخام إلى 102 ألف ريال على الشاحنة، وفق التقرير الذي قال إنه استند على وثيقة صادرة عن “اللجنة الاقتصادية” التابعة للانتقالي بتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني 2022م.

وبشأن الوقود، أوضح التقرير أن سلطات الانتقالي تفرض 14 ريال لكل لتر من وقود يصل الميناء، ليبلغ إجمالي الجبايات 13,201,944,000 ريال شهريًا. إضافة إلى 9 ريال عند تخزينها بمصافي عدن، بإجمالي 8,486,964,000 ريال شهرياً.

وخلال الربع الثالث من 2021، بلغت عائدات “الانتقالي” من جبايات ميناء ومصافي عدن 21,688,908,000 ريال.

جبايات النقاط والأسواق

تعد “نقطة العلم” المدخل الشرقي لمدينة عدن، أكبر المنافذ البرّية التي يستغلها “الانتقالي” لجباية الأموال. وبحسب التقرير، فإنه يمر عبرها يوميًا 40-50 شاحنة، ويفرض 50 ألف ريال على كل شاحنة محملة بالبضائع، لتصل عائدات الجبايات منها 67 مليون و500 ألف ريال شهريًا. كما تفرض 15 ألف ريال على سائقي الشاحنات الداخلة إلى المدينة. 

وفي لحج، تنتشر نقاط “الانتقالي” في 8 معابر رئيسية بالمحافظة (العند الزيتونة، الوطنية، ميزان المملاح، العسكرية، نقيل الخلاء، العر، السر)، ويمر عبرها 550 شاحنة نقل ثقيل يوميًا قادمة من ميناء عدن.
وتبلغ عوائد الجبايات في هذه النقاط، وفق التقرير، 7 مليار و95 مليون ريال شهرياً. إذ تفرض كل نقطة 50 إلى 150 ألف ريال على كل شاحنة، ليصل ما تدفعه الشاحنة الواحدة 430 ألف ريال. 

إضافة جبايات أخرى تفرض على التجار في المحافظة بمسمّى “الحماية” بنسبة 3% من عوائدهم، خارج المبالغ المحصلة منهم سابقاً.
وفي أبين تبلغ عوائد “الانتقالي” من الإتاوات 20 مليون ريال يوميًا (600 مليون ريال شهريًا)، من شاحنات النقل الثقيل التي تصل 100 ألف ريال، ومن حافلات النقل المتحركة من/إلى دول الخليج والمحافظات الشرقية.

وإلى ذلك، قدّر التقرير إجمالي موارد “ضرائب القات” التي يجنيها “الانتقالي” يومياً 100 - 200 مليون ريال. إضافة إلى جبايات كثيرة “ناشئة” عبر شركات الصرافة التي تنشط في “المضاربة بالسوق لصالح نافذين في المراكز العسكرية والأمنية للانتقالي أو بحمايتهم”.

خزينة عيدروس

وفق التقرير فإن هذه الجبايات وغيرها التي تقدر عوائدها “بمليارات الريالات” تورد لحسابات خاصة بالمجلس الانتقالي الجنوبي في شركات الصرافة المحلية أو عبر البنك الأهلي بعدن. 

وقال إن هذه الأموال تصرف بأوامر مباشرة من “عيدروس الزبيدي” رئيس المجلس. مضيفاً أنه يوجه بصرف مكافآت مالية بالمليارات، منها صرف راتب شهر “لأكثر من مرة”، وأحيانًا راتب شهرين لقوات المجلس المقدرة بأكثر من 70 ألف مسلح، بنحو 7 مليار ريال في التوجيه الواحد. مؤكداً أن هذا حدث “أكثر من مرة”.

أزمات معيشية

وتأتي جباية هذه الأموال وإهدارها في تقوية نفوذ “الانتقالي” في الوقت الذي يعاني فيه أبناء عدن ومحافظتي لحج وأبين، أزمات معيشية عديدة وشديدة أبرزها: الكهرباء والمياه وغلاء الأسعار والفوضى الأمنية، وفق التقرير.
وتواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، صعوبة في الوصول إلى الموارد، وتقديم الخدمات للمواطنين. 

فبحسب مراقبين، فإن “سلطات الانتقالي” تمنع تأدية مؤسسات الدولة لعملها كونه يفقدها النفوذ والمال.

وكان “المجلس الانتقالي الجنوبي” قد خاض حربًا مسلّحة ضد الحكومة اليمنية بمدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، وأخرجها منها في أغسطس/آب 2019، قبل أن يوقع معها اتفاقًا في العاصمة السعودية الرياض.

وفي 25 أبريل/ نيسان 2020، أعلن “الانتقالي” ما أسماه “الإدارة الذاتية” لعدن والمحافظات الجنوبية التي يسيطر عليها، لينهي وجود الحكومة قبل أن تعود شكليًا بعد تشكل “مجلس القيادة الرئاسي” بعضوية “عيدروس الزبيدي” في 7 أبريل/نيسان 2022.