حضرموت .. و لماذا السعودية ؟
قبل الاجابة على السؤال العنوان أعلاه؟ .. لابد من التطرق إلى هذه الحملة المسعورة ،على الوفد النخبوي ـ الاجتماعي والسياسي ـ الحضرمي ، الذي قدم إلى الرياض العاصمة السعودية من قبل مختلف الاطراف اليمانية ، ومعظمها مشارك في الشرعية و ممثل في حكومتها و مجلس الرئاسة القيادي ، وكأن الرياض غريبة على الحضارم الذين عرفوها منذ كانت الديرة و الشميسي و البطحاء و الناصرية بل و المعذر يعرف الحضارم و يعرفونه ، منذ الثلث الاخير من القرن المنصرم ، الذي غيبت فيه حضرموت ، وقسمت جغرافيتها إلى ثلاث محافظات مرقمة (6،5،4) ، يومها ادعاء الكل الحضرمية في السعودية من باب المندب غرب عدن إلى جادب في المهرة ، لتسهيل الاقامة و العمل في مؤسسات القطاع الخاص ـ الناشئة في السعودية ، في الوقت الذي كانت الشعارات و النعوت ترفع ضد السعودية ، ومنها اتهام الحضارم بالعمالة للسعودية ، وكيل التهم لها بالعمل على فصل حضرموت ، بدلا عن الاعتماد على الحضارم لبناء جسور العلاقات بالمملكة العربية السعودية و دول الخليج الحديثة الاستقلال. .
في تلك المرحلة التي سبقت زيارة الرئيس سالم ربيع علي إلى جدة .. وادوار وزير خارجيته محمد صالح مطيع السرية و العلنية لردم الهوة التي عملت عليها الطفولة الثورية ـ المناطقية في الجنوب و امتداداتها في الشمال ،والتي ذهب ضحيتها الرئيس سالمين و رفاقه في معارك ساحاتها عدن ـ بمدنيتها ، ليلحق به مطيع بتطلعاته لبناء دولة ، على وفاق مع محيطها الجغرافي و الديمغرافي ،انا هنا لا أذكر بتلك المراحل و ما تسببت فيه ، فما زالت ذاكرة حضرموت و الاشقاء شمالها و جنوبها مثقلة بها .. ولكن وبعد ان اصبح اليوم الكل في الرياض بعد 1994، لتلحق بهم الشرعية على اثر انقلاب صنعاء.
نجد انفسنا امام هذه الحملة ، من الاشقاء الانتقاليين و الاصلاحيين ، بكل صلافة، فهذا ينعتنا بباب اليمن ، و الاخر ببوابة عدن ، و منهم من تجراء أو اوحي اليه لكي يقول تسليم حضرموت إلى السعودية ..متجاهلين تلك العلاقات التاريخية و الجغرافية و الاجتماعية منذ وحد القائد الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود المملكة العربية السعودية ، وهي علاقات سياسية تمثلت في عدد من رجال الحضارم في مجلس الشورى ـ الحجازي ، فضلا عن الجوانب الاقتصادية و المساهمة في التنمية لرجال الاعمال ـ المقيمون و الذين وفدوا بعد التوحيد ، فهل هذه الحملة نتاج خوف من حضرموت ام خوف عليها ؟.
لقد أتى الحضارم إلى السعودية وهم يدركون ان التاريخ و الجغرافيا و الديمغرافيا اثافي ثلاث لعلاقات منتجه ، تتطلب وحدة الحضارم في الوطن و تفعيل و مساهمة امتداداتهم في مواطنهم العربية ، وفي مقدمتها السعودية و منطقة الخليج أولا ، ومن ثم الافريقية و الأسيوية ، بوعي وادراك لحجم المتغيرات الدولية ، ولتجنيب حضرموت بجغرافيتها وهي تمثل ثلثي اليمن مساحة ان تتحول إلى ساحة صراع دولي بأدوات يمانية او اقليمية للأضرار بأمن الجزيرة العربية ..هذه المبادرة الجريئة للحضارم لم تأت من فراغ و إلى فراغ ، وانما املتها عليهم مجموعة من المتغيرات اليمانية الخطرة ، و التي في مجموعها تشكل تحديات امام عملية بناء الدولة اليمنية ـ الاتحادية ، فضلا عن استعادة دولة اليمن الديمقراطية بأدواتها السابقة ، او وفق شعارات المطالبين بها اليوم والتي تضحضها اوضاع عدن !!.
حضرموت لم تأتى للسعودية .. الا بدافع ادراكها لمشاريع القيادة السعودية في إعادة صياغة مستقبل الجزيرة العربية ،بما في ذلك يمنها و خليجها ، في اطار شرق اوسط جديد و مستقر ، الأمر الذي استدعى القيام بهذه المبادرة الجريئة ، التي جاءت لتنفض الغبار عن النظرة التقليدية إلى حضرموت و الحضارم .. فهل سيدرك الاخرين إيجابية تحرك حضرموت ؟.