اليمن بعد عاصفة الحزم
مقدمة
لا بد منها
اليمن جزء رئيسي ومهم من خارطة الجزيرة العربية
وتكمن أهميته في موقعه الجغرافي المطل على أهم المضائق المائية وساحله الطويل الممتد
على البحر المفتوح المتصل بأهم المحيطات في الكرة الأرضية وقبل هذا وذاك هو العمق التاريخي
لكافة قبائل الجزيرة العربية وامتداداتها الى تخوم الشام وارض الرافدين وكثير من القبائل
العربية التي تعود جذورها الى الأرض اليمانية والتي هاجرت منها من عشرات القرون ومن
خلال محيطنا الإقليمي لجزيرة العرب نجد ان الهجرة كانت متبادلة فهناك قبائل يمنية استوطنت
في مواقع كثيرة من الجزيرة العربية وقبائل أخرى أتت من هناك واستوطنت في بعض المواقع
اليمنية
وكانت
عمليات التنقل والترحال هو السائد الى ما يقارب قرن من الزمان.
وبعد
نشؤ الدول بشكلها الحالي كانت سمة أواصر القربى بين الشعوب هي السائدة وكذلك التقارب
بين أنظمة الحكم في معظم المواقف سمة واضحة تتخللها بعض التباينات والمواقف السياسية
الطارئة والغالب عليها التأثير الخارجي في معظم الفترات والتي سرعان ما تلتئم بمجرد
انقشاع سحابة الصيف العابرة وتبقى علاقة الأخوة الضاربة اطنابها في أعماق التاريخ والتي
رسخت أركانها مبادئ الدين الحنيف وعقيدته السمحة،
واذا
نظرنا الى العلاقات الدبلوماسية اليمنية مع دول المنطقة وعلى راسها الشقيقة الكبرى
المملكة العربية السعودية خلال نصف قرن مضى لوجدنا التميز بكل صفاته لدرجة اننا كنا
محسودون على ذلك،
وبالتالي
لم نستغرب هبة المملكة والدول الخليجية الأخرى لإنقاذ اليمن بالمبادرة الخليجية لنزع
فتيل الأزمة في العام 2011م.
في
21سبتمبر 2014 اجتاحت العاصمة اليمنية صنعاء عصابات الكهوف المتدثرة بمشروع رافضي العقيدة
فارسي التكوين والدعم والهدف والغاية وأعلنت انقلابها على الثورة والجمهورية والمبادرة
الخليجية وعلى كل ما هو جميل في ارض اليمن ونكصت وتخلّت عن كل ما تم الاتفاق عليه في
مؤتمر الحوار الوطني وعلى مشروع الدولة الاتحادية حلم اليمنيين للخروج من الأزمات المتعددة
التي اكتوى بنارها معظم الشعب اليمني،
ولم
تكتفِ بما أقدمت عليه في العاصمة صنعاء بل سيرت جحافلها الى بقية المدن والمحافظات
حتى وصلت الى عدن ملاحقة رمز الشرعية ورئيسها المشير عبدربه منصور هادي،
وفي
الوقت نفسه بدأت هذه المليشيات وبإيعاز من صناعها في قُم الإيرانية بالمناورات العسكرية
على حدود المملكة العربية السعودية وبدأت تصريحاتهم الحمقى تظهر في العلن،
ومن
أجل هذا وذاك استنجد الرئيس عبدربه منصور بأخيه خادم الحرمين الشريفين وبإخوانه قادة
مجلس التعاون الخليجي وبالقادة العرب بضرورة التدخل السريع لإنقاذ العاصمة العربية
الرابعة من الوقوع تحت طائلة المد الفارسي الذي يستهدف الامة العربية جمعا. فكانت الاستجابة
الفورية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بإعلان عاصفة الحزم والتي
انطلقت في 26مارس 2015م وبالفعل قوّضت المشروع الإيراني وقصّت أذرعه وحطمت أحلامه وجعلتها
سرابا، وتحررت معظم الأراضي اليمنية من سيطرة هذه المليشيات ولم يتبقَ سوى تحرير العاصمة
صنعاء و20% من الأرض التي تسيطر عليها هذه المليشيات ونأمل ان تكون قريبا.
طالت المدة الزمنية على خلاف ما كان متوقعا وفي
كل الأحوال فصمود الشعب اليمني اسطوري وتضحياته في الميدان كبيرة وقوافل الشهداء لم
تنقطع والصبر على الأزمات الطاحنة وضيق ذات اليد يمثل عظمة هذا الشعب وجسارته،
تقاطع الاجندات الدولية ومصالح بعض الأطراف تحاول
ان تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة ولكن بعزيمة الأبطال وصمود الأحرار وقيادة الشرعية
على مواقفها الصلبة سيجعل كل تلك المحاولات هباء منثورا وتذهب ادراج الرياح،
ما بعد
العاصفة معظم اليمنيين بكل قواهم وتوجهاتهم السياسية يأملون بإعادة صياغة لمنظومة الفكر
السياسي في اليمن بما يتوافق وسياسة الإقليم وإقامة الشراكة الفعالة معه سياسيا واقتصاديا
والمساهمة في الدمج الفعلي بحيث لا تبعد اليمن عن محيطها الإقليمي بل تكون ركنا ركينا
في بنيانه وفاعلا رئيسيا في حماية امنه واستقراره ونموه الاقتصادي نظرا لما تمتلكه
اليمن من اهم ثرواتها وهو الانسان وهو الفاعل الرئيس في أي مشروع نهضوي وتنموي
ولهذا
فإدماج اليمن ضمن المنظومة الخليجية واعطائها العضوية الكاملة في المجلس يحقق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة ويحقق
للأمن القومي العربي كل ابعاده الاستراتيجية .
فاليمن
بموقعها الاستراتيجي وثرواتها الظاهرة والباطنة
يحتاج لإعادة تأهيل ومساعدة على الاستفادة الفعلية من مخزونة وهذه من آمال ما بعد العاصفة،
لان
الخلاصة يمن مزدهر اقتصاديا نتيجته صمام امان لدول الجوار
ضم اليمن
لمجلس التعاون الخليجي سيقطع الطريق امام المخطط الفارسي بكل ابعاده ومعتقداته الفكريه
والايدلوجية
الاستفادة
من المغتربين اليمنيين في دول الجوار وتمكينهم
من الحياة الكريمة والوضع النظامي الآمن والخالي من الصعوبات والتعقيدات لأنهم في الحقيقة
صمام أمان لمنظومة المجتمع الذي يعيشون فيه
،وهم
في الحقيقة لديهم إرثهم التاريخي وصلابة ارادتهم وجلدهم المتميز في اداء الأعمال الموكلة
اليهم
كل تلك
الآمال وغيرها لن يتحقق الا بسرعة قرار استعادة العاصمة من براثن القوى الانقلابية
وتمكين الشرعية من إدارة المناطق المحررة وبسط نفوذها عليها دون ادنى تعقيدات او منغصات.