حبل الكذب قصير يا "كرامة"
لا أدري من أين جاء "كرامة" هذا بما خطه في مقاله من أكاذيب عن منحة الوقود السعودية لمحطات الكهرباء في المناطق المحررة، كنت قريباً من الخطوات التي تحققت بها المنحة فقد كان الترتيب لها يجري بشفافية مطلقة، وكنت على علم، وتفاصيل إعدادها وقدرها ومن حدد قيمتها، ولذلك استغربت مقال الأخ أحمد سعيد كرامة حول المنحة. الذي بدأه بالكذب وأنهاه بالحقد.
يقول "كرامة" أن حكومة بن دغر طلبت من قيادة المملكة كمية من الوقود بقيمة ستون مليون دولار أمريكي شهرياً، لتغطية حاجة محطات الكهرباء في المناطق المحررة من الوقود، بينما هي لا تحتاج إلا إلى نصفها، قوله هذا يحمل إتهاماً باطلاً واستهتاراً بالأشقاء المانحين.
والواقع أن الحكومة تقدمت فعلاً بطلب المساعدة من الأشقاء في المملكة العربية السعودية لمواجهة نقص المشتقات النفطية في محطات الكهرباء، والحكومة السعودية طلبت تشكيل لجنة مشتركة لتحديد الاحتياجات الضرورية من المشتقات النفطية. كانت تلك مساعدة من المملكة لإنقاذ وضع حكومة الشرعية التي كانت تفتقد إلى أهم مواردها وأعني بها موارد قطاع النفط في مأرب وشبوة وبعض حضرموت.
وشكلت لهذا الغرض لجنة عليا مشتركة يمنية-سعودية كان فيها د. معين سعيد عبدالملك رئيس الوزراء الحالي رئيساً للجانب اليمني، والمهندس محمد العناني وزير الكهرباء اليوم عضواً، وآخرون جميعهم كانوا محل ثقة الرئاسة والحكومة ومحل تقدير أشقائنا في المملكة. كل هؤلاء في نظر كرامة بصورة وغير مباشرة كما هو منطوق مقاله فاسدين، والتهمة موجهة ارئيس الوزراء الحالي المهندس الدكتور معين الذي كما يبدو أراد الدفاع عنه.
وباقتراح من اللجنة العلياء تم تشكيل لجان فرعية كان مهمتها مساعدة اللجنة العلياء في تحديد الكميات الدقيقة من الديزل والمازوت في كل محطة من المحطات الكهربائية في المناطق المحررة، وبعض المناطق شبه المحررة. وأضيف إلى هذه اللجان الفرعية ممثلين عن القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، لمزيد من المصداقية. وقد تعاون وزير الكهرباء ونائبه ومدير عام المؤسسة ومدراء المحطات الفرعية في انجاز قائمة الاحتياجات بتعاون كل هذه الجهات.
وعملت هذه اللجان اليمنية السعودية بدأب وإخلاص وتفاني بدءاً بدراسة مقترحات وزارة الكهرباء التي حددت الاحتياجات بصورة أولية مروراً بالجلوس مع كل المختصين المعنيين بإدارة محطات الكهرباء في عموم البلاد ووصولاً إلى النزول المباشر إلى كل المحطات للمقارنة بين مارفع إليها وما تحتاجه المحطات فعلياً من الوقود.
ورفعت الاحتياجات بالكميات المقترحة للأشقاء في المملكة كما رأتها اللجان المشتركة، ودرس الأشقاء في المملكة مقترحات اللجان تحت إشراف مباشر من سفير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز د. محمد سعيد آل جابر، ثم قررت المملكة حجم المنحة النفطية التي اتخذت فيها القرار. فالقرار يعود في أصله للمانح كما يعلم الجميع في أصول وقواعد المنح من طرف شقيق أو صديق.
ولو أن وزارة الكهرباء في حكومة بن دغر الذي اتهمها "كرامة" بإيعاز من البعض للأسف الشديد، هي من حددت كمية الاحتياجات الفعلية من المشتقات النفطية لربما ساورنا الشك في عدم دقة الاحتياجات، لكن هذه الاحتياجات جاءت بعد دراسة ونزول ميداني وحوار قادته لجان مشتركة يمنية- سعودية وأشخاص مهنيين في مجالهم مع المعنيين في محطات الكهرباء. هذا هو الأمر الأول.
أما الأمر الثاني فهو أن أسعار النفط في منتصف العام الماضي الذي حددت قيمة المنحة النقدية قد تم تحديدها بقرار من الأشقاء في المملكة، وهم من قدر القيمة الكلية الشهرية للمنحة النفطية، وإذاً فالكمية الشهرية من الوقود قد تم تحديدها بصورة مشتركة وبلجنة علياء أشرف عليها رئيس الوزراء ووزير الكهرباء الحاليين قبل أن يصبح الأول رئيساً للوزراء، ويصبح الثاني وزيراً للكهرباء، وكان أولى بهم أن يردوا على هذه التفاهات. أو يحيل رئيس الوزراء الحالي الموضوع للتحقيق وذاك من اختصاصه، فيظهر صدق الاتهام على حكومة بن دغر من كذبه.
أما الأمر الثالث و "كرامة" هذا مصيب في حديثه من أن الأحمال الكهربائية تنخفض فعلا في أشهر الشتاء، فينخفض بالتبعية استهلاك الوقود في المحطات، فلا تعتمد أحمال الشتاء أساساً لتحديد كميات الوقود المطلوبة في الصيف. ولكن تعتمد الكميات المستهلكة فعلياً في الصيف، مع مقدار من الزيادة، نتيجة مقدار آخر من الاستهلاك قياساً بالعام السابق.
نحن نقول لكرامة هذا، من أراد أن يكشف فساداً أو يظهر إسرافاً في هكذا حالات فليس هناك أفضل من صاحب المنحة نفسه الذي قدرها وحدد سعرها وقرر منحها لليمن، ثم أشرف على تنفيذها، فاسالوه مباشرة، وإن عجزتم فاسألوا وزير الكهرباء عضو اللجنة العلياء كيف تم تحديد الكمية، ومن حدد قيمة المنحة. أو إذهبوا للجهاز المركزي أو اطلبوا من هيئة مكافحة الفساد التحقيق في الأمر، وإن أردتم الزيادة في الأمر أطلبوا تحقيق من الرئيس هادي. فهو أعلم منا ومنكم بالأمر.
نقول لهذا المدعي وغيره لا تخلطوا بين كوننا نختلف مع توجهاتكم الانفصالية، ومشاريعكم المناطقية، اختلافنا معكم على ماهو جوهري في حياتنا وفي مصير البلد ومستقبل شعب، وقد احترمنا في نقاشاتنا معكم أدب الحديث وأصول الحوار، فاتركوا شيئاً من سفاهة الحديث للحوثيين الذين يهاجموننا صباح مساء. ويتفق خطابكم مع خطابهم العنصري.
ستبقى اليمن موحدة بإذن الله، وسيحمي شعبها هذه الوحدة، وسوف ينتصر مشروعها في الاتحاد فهو رافعة إنقاذ لهذا الوطن، وحبل نجاة مصنوعاً بإرادة وطنية فولاذية لا تصدأ ولا تلين ولا تنكسر. تمارسون تحريضاً وكذباً وتزويراً وهذا من شيم المفلسين سياسياً الذين فقدوا الكثير من المنطق والحجة فهبطوا بحديثهم إلى قاع الوضاعة، فمن تخلى عن وطنه وعن هويته وأصله، وهي القيم العظمى في حياتنا، يصبح كل شئ لدية سلعة رخيصة تشترى وتبتع دون وازع من ضمير أو رادع من عقل.
لا حظوا أننا تجنبنا الفتنة والإساءة لأي أحد كان خلال الأشهر الأربعة الماضية، جاء قبلنا أو بعدنا، ملتزمين روح التضامن لمواجهة العدو، داعمين حكومة المهندس معين عبدالملك فاختار بعضكم طريق الدس والنميمة والفتنة، فتزداد الشرعية انقساماً فوق انقساماتها، وقد أبينا المضي في هذا الطريق، لقد بدأتم بالإساءة، والعداوة، وإشاعة التفاهات التي لا تصدر إلا عن تافهين، وها نحن نطالبكم بالتزام الصدق واحترام الإخوة، ومواجهة العدو بصفوف موحدة، فإن أبيتم وتماديتم كان البادي أظلم.