حينما يحتاجنا الوطن
ما لا شك فيه أن الوطن السعودي قد تغيّر كثيراً منذ تولي خادم الحرمين الملك سلمان الحكم، ليس فقط في الرؤية الاقتصادية، والعزم والحزم العسكري والسياسي، ولكن ذلك يظهر أيضاً في المعاني والمفاهيم الإنسانية الأساسية، نحو الوطن والمواطنة، التي عادت إلى مناطق المعقول، بعد أن قلبت تيارات التشدد الموازين، وجعلت الوطن والوطنية آخر اهتمامات الشعب.
ذلك الوطن المستقر، الذي تسود فيه العدالة والمساواة، ويعم في أجوائه السلام، كقواعد أساسية تقام عليها الأمور الأخرى من حكومة، وتعليم وصحة، ومعيشة وتمدن وأنظمة داخلية وخارجية، وقدرات أمنية، واستعدادات دفاعية وهجومية، ومن اقتصاد متين يرحل بالمواطن إلى مستويات الرخاء، والعطاء، والمشاركة الفاعلة مع جميع سكان وطنه لبلوغ مصاف الدول المتطورة الحديثة.
بدون وطن حر مستقر وقانون ونظم لا يمكن أن يقام دين، ولا أن تحترم مقدسات، ولا أن تحضر مشاعر الراحة لحرية فكرية.
بدون الوطن الحق لا يمكن أن يجتمع الشعب مع دولته للبناء، ومحاربة الفساد، ومنع الظلم، وصناعة المستقبل، للطفل الصغير، الذي هو مستقبل الأمة، والوطن.
هذا الطفل إن لم تتم رعايته وترسيخ شعوره نحو الثرى، ونحو الوطن، بإذكاء مشاعر الوطنية في نفسه، فإنه لن يحسن محبتها عندما يصبح في صف الفاعلين، ولن يحرص على قيمة وطنه، ولن يهتم لو ساد عليه الغريب، أو سُحب من تحت أقدامه الوطن.
الطفل هو الأساس الذي يجب البناء عليه، بعد أن كان التشدد يبعد أطفال الأمس عن وطنهم، بدواعي أيدلوجية، وأفكار مشتتة، لا تخلق الوفاء في نفسه.
طفل السعودية اليوم يجب أن يدرك قدر الثرى الذي يسير عليه، وأن يفهم توجهات قيادات هذا الوطن، وأن يؤمن بحبهم الشديد لكل ذرة فيه، وتلاحم كل نفس فوق أرضه مع الأنفس الباحثة عن عزة هذا الوطن، وإرساء قواعده المتينة، والبناء المطرد، وإعلاء قيمة الوطن.
الطفل يجب أن يعرف ما معنى راية بلاده، وأن يتشرب حب هذا المنتصب الأخضر فوق الجباه، وأن يقف احتراماً لهذا المعنى، فلا يكون في نظره مجرد قطعة قماش.
الطفل يجب أن يعرف وأن يتمثل بروتوكولات النشيد الوطني، الذي يلهب الحماس في الأنفس، ويرسم عزة الخطوات، وأن يقف منتفخ الصدر وهو يترنم بكلماته، باعتبارها جزءاً منه، وأنه بدونه يصبح بلا عمق ولا وطن، ولا طموح، ولا عزة.
الطفل يجب أن يتعلم كيف يدافع عن وطنه، بقدر استطاعته، وأن ينمو هذا الشعور معه حتى يبلغ قمة الحب والوفاء حينما يصبح هو من يربي الأجيال، ومن يقف على الحدود مدافعاً، ومن يحارب الفساد، ومن يملك اللسان والذراع والكلمة واللحن والصورة ليعبر عن حبه لهذا الوطن.
الوطنية تبدأ من البيت، وتنمو في المدرسة، فلا تعود تتخاذل حينما يحتاجنا الوطن.