السعودية مأدبة شهية

في هذا العالم الفسيح، كثيرة هي القضايا المتناثرة والمتماهية مابين سياسية واقتصادية واجتماعية، بل وبعضها تُعتبر مادة دسمة لوكالات الأنباء وكبرى محطات التلفزة.

على الجانب الآخر هناك منظمات حقوقية رسمية وخاصة، تجد من تلك القضايا مادة شهية لتتناولها على موائدها حسب توجهاتها وأيدلوجياتها.

خلال الشهرين الماضيين حدثت قضايا عدة، ويمكن لأولئك أن يغتنموها لملء صفحاتهم وتعبئة شاشاتهم طوال الـ 24 ساعة، بل وسيجدون المحللين والمتنبئين الذين يغرقون كل شيء بأطروحاتهم.

ولكن.. كثير من تلك القضايا العالمية، تسيح أمام قضية سعودية واحدة، وتبدأ مخالب وأنياب بالظهور، بل وتنكشف نوايا وميول هذا وذاك، لتبدأ عمليات منظمة وحملات مسيّرة بتوجهات دول وتنظيمات وأموال، لجعل القضية السعودية “ترند عالمي”، لتكون الشغل الشاغل للمنتديات والمجالس والمواقع، وإشعال القضية على طريقة الضخ الإعلامي لتتحول إلى حديث الكل مع تمرير الرسائل المكذوبة تحت “بنط” مصدر موثوق، لغرض تحويلها إلى مسار تأليب الرأي العام وحصاد مكاسب يرجونها.

لماذا السعودية!؟

المملكة كونها مركز إسلامي يتجه لها كل مسلمي الكرة الأرضية، وكذلك هيبة الحضور السياسي إقليميا وعالميا، بالاضافة إلى الثقل الإقتصادي الذي تتميز به كمحرك أساسي، وخاصة في الثلاث سنوات الأخيرة، فهذا يشغل بال وهاجس كثير من الأروقة اليسارية حول العالم، بل وحتى أروقة اليمين والوسط، ولا ننسى بعض دول الجوار الإقليمي كقطر وتركيا، لأن أي نمو ملحوظ وبارز ومتسيد في المنطقة يعني بالنسبة لهم ضوء أحمر “خطر” في الجانب السيادي والتأثير السياسي والاقتصادي والإسلامي في المنطقة.

توسع السعودية على الجانب الإنتاجي وتحديداً العسكري، يعني الاكتفاء الذاتي بالإضافة إلى دخول عالم المنافسة وكذلك تحريك البوصلة العالمية حسب التكتلات والانتماءات وغيرها.

حجم وثقل الرياض المميز حالياً، يعني تغيير لخارطة المنطقة والعالم وبدون مبالغة وعلى المدى القريب، وكما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في “مؤتمر مستقبل الاستثمار” أكتوبر الماضي، أنه شخصياً يقود مشروع كبير لسياسة نهضة منطقة الشرق الأوسط، كما أنه غازل بذلك “أوروبا”، وخلال 5 سنوات قادمة.

في المقابل وعلى جانب التنظيمات والمنظمات المتشددة حقوقيا وسياسيا، فهي أداة لآيديولوجيات تحركها تلك الأروقة التي جمعتهم تزاوج المصالح للنيل من أي تحرك سعودي، أو التعاطي مع أي قضية محلية، بل ويستعان بسعوديين مؤدلجين لأهواء شخصية فقط وليس لهم أي مشروع حقيقي لصالح “الوطن”، بل أن أصدق ما يقال عنهم “بائعي” الضمير، واللاهثين خلف مصالح مشتركة لغرض انتقام شخصي ومال قذر.

مقالات الكاتب