تساؤلات حول مصطلح "الجنوب العربي"


طرحت سؤالاً للأصدقاء في موقع التواصل فيسبوك حول مصطلح الجنوب العربي وهل كان مستخدماً قبل ان يستحدثه الاستعمار البريطاني. وكانت الإجابات من أساتذة جامعيين وباحثين في التاريخ وصحفيين ومشاركين من مختلف التنوعات تقول أنه لايوجد أي مستند أو دليل على وجود هذا المصطلح قبل هذا المشروع البريطاني الاستعماري..

 

ماهو مشروع إتحاد أمارات الجنوب العربي إذاً وماذا كان يرمي المستعمر من وراءه؟ وماذا فعلت ثورة أكتوبر بهذا المشروع وماذا حققت؟ وهل القضية الجنوبية مرتبطة بمشروع الجنوب العربي أم متضادة معه؟

 

هناك فرق بين الاقتناع بفشل الوحدة اليمنية بين دولتي ماقبل تسعين والتوجه نحو إعادة الدولة السابقة التي سميت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والتي كانت منجزاً تاريخياً فارقاً في تاريخ اليمن الحديث حيث وحدت أكثر من عشرين سلطنة ومشيخة تحت دولة ونظام واحد. وبين الدعوة لإحياء مشروع استعماري تجزيئي للجنوب نفسه بل والبدأ فعلياً بفرض هذا المشروع أمراً واقعاً.

 

لايعقل أن يأتي المستعمر بالخير للبلاد التي يحتلها، ولايمكن بحال أن تجد مصلحة للبلاد في مشروع يرمي لتفتيتها وتجزئتها ليستفرد الراعي بكل منطقة على حدة.

يجب أن يعلم الجيل الصاعد الذي لايقرأ التاريخ أن مشروع إتحاد إمارات الجنوب العربي ليس مشروعاً توحيدياً على غرار بعض دول المنطقة التي لم تستقل الا بعد اعلان الاتحاد بأكثر من عشر سنوات.

 

مشروع الجنوب العربي مشروع استعماري كان يتجه وقتها نحو تقسيم الجنوب لأقسام عدة على النحو التالي :

 

* سلطنات يكون لها وضع مستقل وتتبع سلطة المستعمر كحضرموت والمهرة.

* محمية عدن ويكون لها شكل ونظام مستقل تماماً.

* الجزر المتناثرة كسقطرى وميون وعبدكوري لها وضع خاص تحت وصاية التاج الملكي البريطاني.

* اتحاد إمارات الجنوب العربي وهي باقي السلطنات والمشيخات والتي لاتمتلك موارد أو مصادر قوة بعد عزلها عن المناطق المهمة عدن وحضرموت.

 

قامت ثورة أكتوبر وخلطت الأوراق على المستعمر وفي نهاية الأمر اضطر للتسليم والخروج صاغراً وتم إعلان قيام الدولة الحرة المستقلة. هذا المنجز العظيم الذي قام بنضال وكفاح الأحرار الأبطال وتضحيات الشهداء الأطهار لم يشأ المستعمر أن يتركه ليكمل نجاحه فلم يغادر الا وقد وضع بذوراً للشقاق والخلاف. ومهما يكن من انحرافات حصلت في مسيرة الثورة فلا يجب أن يغير هذا من القناعة بعظمة هذا الإنجاز برغم الأخطاء و الإخفاقات.

 

اليوم وبعد مرور أربع سنوات على قيام حرب مدمرة في اليمن أكلت الأخضر واليابس مع مليشيات تطمح لإعادة الحكم الاستبدادي السلالي في صنعاء. فإننا نفاجئ بموازاة ذلك بمشروع يهدف لإعادة تشكيل الدولة اليمنية ليس باتجاه فصل الشمال عن الجنوب فحسب. بل نحو إعادة الحياة لذلك المشروع الاستعماري القديم والاتجاه نحو تقسيم الجنوب وشرذمته الى أقسام مختلفة متنافرة تتجه لتكون دويلات وظيفية مرتهنة لإرادة المستعمر الناعم الداعم.

 

لقد كان للسلاطين والحكام في الجنوب قديماً شخصياتهم الاعتبارية وحضورهم في مجتمعاتهم بما يمكنهم من قيادة تلك المجتمعات الصغيرة وإنشاء شكل معين من نظام الحكم يحفظ الهوية. أما اليوم فالمشروع التمزيقي للجنوب يتزعمه الجهلة والأغرار الذين يرتضون بأقل الأثمان ليبقوا أدوات عند ولي النعمة يهب لهم بعض الشاصات والسلاح الخفيف ورواتب لاتصل لربع راتب موظف في أي شركة أمنية عالمية.

 

هي صيحة نذير فلتطالبوا باستقلال الجنوب ولنختلف سوياً نحن أصحاب المشروع الاتحادي واياكم ولكن لنحرص على شكل الجنوب الموحد الذي يحكمه ويديره ابناؤه بإرادة حرة بعيداً عن أي مشاريع خارجية تدميرية.