كفى كذبا
لا أحد في حضرموت كان يومًا حزينًا على المنطقة العسكرية الأولى، ولا أحد رأى في وجودها قدرًا لا يمكن تغييره. فأبناء حضرموت كانوا أول من وقف في وجهها، وأول من دفع ثمن مقاومتها. في حرب 94 كانوا في مقدمة معركة المطار، ثم واصلوا نضالهم سنوات طويلة حتى قُتل الشهيد سعد بن حبريش وهو يواجه تغوّل تلك القوى، ومعه رجال أوفياء من الوادي والساحل والصحراء. لذلك فإن محاولة تصوير الغضب الحضرمي اليوم وكأنه اعتراض على خروج المنطقة العسكرية الأولى ليست إلا تزويرًا للتاريخ وتجاهلًا لتضحيات ثلاثة عقود أثقلتها الدماء والخذلان.
الغضب الحقيقي ليس لأن “شماليين” خرجوا، بل لأن الخروج جاء ليُستبدل بوجود آخر لا ينتمي لحضرموت، وكأنها أرض مستباحة تتوارثها القوى لا أهلها. الحضارم قالوها منذ البداية بوضوح لا يحتمل التأويل: نريد خروج كل القوات غير الحضرمية… كلّها دون استثناء، شمالية كانت أم جنوبية. لكن التامر من كل القوى جنوبية وشمالية عملت بلا توقف لمنع أي استقلال حضرمي وكان التامر واضح والاستهداف يسطيع معرفته كل مراقب ،.
اما من يقول كل الجنوبين اخوه او حضرموت قلب الجنوب او كبد الجنوب ...سؤال واحد يبطل كل هذه القروبقندا الرخيصة...
كم لواء حضرمي في عدن؟
كم قائد حضرمي في شبوة؟
أين الحضرمي في أبين أو في الضالع؟
الجواب معروف.. لا أحد تقريبًا.
بل إن الحضارم طُردوا من عدن وجاء بشمالين من تعز واب، ومع ذلك لايخجل هولاء او ادواتهم في حضرموت من تكرار الخطاب نفسه يطالب الحضارم بالذوبان في “وحدة جنوبية” لا تتذكرهم إلا عندما تحتاج إلى تضحياتهم وشرعيتهم او الهمينة على ارض حضرموت .
ولأن التاريخ لا يرحم، فإن الوجوه التي تزايد اليوم وتُعلّم الحضارم “الوحدة” و“النضال” هي ذاتها الوجوه التي هربت في 94 وتركت حضرموت تواجه مصيرها وحدها. انسحبوا وتركوا مطار الريان ممتلئ بالسلاح وهربوا ، ولم يحرقوا حتى الملفات التي في وزراة الدفاع والذي تسلّمها عفاش لاحقًا كاملة، ليستمر في استلام الأسلحة التي دفع ثمنها الحضرمي والجنوبي حتى عام 2002.
وتكرر المشهد ذاته في 2015؛ هربوا مجددًا وتركوا المكلا لاحتلال الجماعات الإرهابية. فالمرتزقة، كما تقول التجربة، لا يعرفون إلا طريق الهروب عندما تشتد الأزمات.
وإذا كان البعض يكرر شعار “نحن إخوة” و“الجنوب واحد”، فإن سؤالًا بسيطًا كفيل بإظهار الحقيقة:
إذا كنا أصلًا إخوة، فلماذا لم تبني شراكه حقيقة او المساعدة والدفع بابناء حضرموت لتحرير ارضهم ويقف الجنوبين من خلفهم ان احتجتم مساعدة نحن موجودين مع ان ماحدث استلام وتسليم والكل يعرف ذلك
على العموم السبب
معروف للجميع، لكن قليلين يمتلكون الشجاعة للاعتراف به.
أما نحن فنقولها دون تردد: حضرموت تُترك دائمًا لقدَرها لأنها ليست أرضهم، ولا همّهم، ولا مشروعهم.
لهذا يغضب الحضارم اليوم؛ لأنهم لا يريدون استبدال محتل بآخر، ولا قوة غريبة بقوة غريبة جديدة. يريدون حضرموت لنفسها، وقرارًا حضرميًا نقيًا، وقيادة حضرمية صادقة، لا وصاية ولا تبعية ولا مشاريع تعتاش على حساب حضرموت. وإذا كان لا بد من الدخول في شراكة سياسية أو اقتصادية، فلتكن شراكة عادلة تحفظ مكانة حضرموت ولا تتحول إلى تبعية مهينة أو تبعية مقنّعة.
الأيام دول… وحضرموت تدخل اليوم مرحلة جديدة، لكنها لن تكتمل ولن تُثمر إلا إذا بناها أبناؤها، بإرادة حرة لا تُباع ولا تُشترى، وبقرار حضرمي خالص يستعيد الأرض والكرامة والحق.
حفظ الله حضرموت
… والنصر لحضرموت.
اللعنة على الخونة ...

