وثّقوا جرائم إيران

الإعلام سلاح فعال في الحروب وتأثيره على العدو يوازي وقع القنابل وتحركات الجنود على الجبهات. تزداد أهمية التذكير بهذه الحقيقة في هذا التوقيت بالذات، الذي يسبق بدء سريان عقوبات اقتصادية أميركية غير مسبوقة على إيران، العدو الأول للسعودية ودول الخليج وكل العرب، في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تشمل حظر تصدير البترول الإيراني، وفرض عقوبات أميركية صارمة على محاولة خرق هذا الحظر.


وقبل يومين نشر موقع «العربية نت» خبراً بعنوان «كيف وضع الحرس الثوري الإيراني المتفجرات في حقائب الحجاج في العام 1986» نقلاً من موقع قناة «كلمة» الفضائية، وهو موقع وثائقي تابع للقناة الرابعة الإيرانية، وكشف خلاله الملا أحمد منتظري، ابن نائب الخميني والمرجع الشيعي الراحل آية الله حسين ‌علي منتظري، عن «الدور الذي لعبه الحرس الثوري الإيراني ومسؤوليته عن وضع متفجرات في حقائب الحجاج الإيرانيين عام 1986، بعد 32 عاماً من الواقعة التي كشفتها سلطات الأمن السعودية وقتئذٍ».

وعلى رغم أن الخبر شمل مقطع فيديو لتصريحات الملا أحمد منتظري، كما شمل تفاصيل أخرى عن احتجاج أسرة آية الله حسين‌ علي منتظري، عن اتهامات بتورط مهدي هاشمي (صهر آية الله حسين‌ علي منتظري) في شحن المواد المتفجرة في حقائب الحجاج عام 1986، مؤكدين دور الحرس الثوري الإيراني في تلك العملية، وتفاصيل أخرى، إلا أني تساءلت كيف أغفل الإعلام السعودي مثل هذه الأحداث من دون أن يتم جمعها وتحليلها وإنتاجها في برامج وثائقية بمعايير صحافية مهنية، لتكون شواهد بلغات عدة على تاريخ طويل من الجرائم والمؤامرات الإيرانية ضد السعودية منذ وصول الملالي للحكم عام 1979، فضلاً عن كونها مادة إعلامية ممتازة للتسويق على المنصات التقليدية والاجتماعية ومن على المنابر الأممية، لتعزيز الصورة الذهنية عن دموية نظام طهران الثوري الذي يعيش اليوم أصعب أوقاته.


لعل ذاكرة الجماهير ليست قوية بما يكفي لتذكر جريمة الحرس الثوري بشحن مواد متفجرة في حقائب الحجاج قبل 32 عاماً، أو لمعرفة تفاصيل قيام الحجاج الإيرانيين بأعمال تخريبية وتنظيم مظاهرات أثناء الحج في العام 1987، كما أنها ذاكرة تحتاج إلى من يحكي لها في قالب صحافي وثائقي محترف كيف تورطت إيران وحزب الله اللبناني في تفجيرات مبنى سكني في الخبر شرق السعودية في العام 1996 كان يقطنه جنود أميركيون وراح ضحيته نحو 19 منهم.

وما يعزز الحاجة إلى تعزيز المعركة مع إيران إعلامياً معرفة حجم التضليل الإعلامي الإيراني، سواء في الداخل أم في مجتمعات الدول العربية التي يحتل عواصمها، إذ تناقلت وكالات الأنباء إيقاف أكثر من 700 حساب إيراني على «تويتر» بلغات مختلفة، فضلاً عن 39 قناة تلفزيونية إيرانية على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبره الكاتب السياسي السعودي عبدالرحمن الراشد في مقالة بالشرق الأوسط «مجرد رأس الجليد الإعلامي لإيران، فالسوشال ميديا شكلت واحداً من أسلحتها الخطيرة الموجهة للإيرانيين والعرب والعالم»، مشيراً إلى أن لدى إيران شبكات إعلامية ومعلوماتية تحتية ضخمة بدأت تأسيسها تحديداً في لبنان منذ الثمانينات، وكان له أثرها البالغ في إقناع جماهيرها بصدق رسالته الزائفة. إن الحاجة تبدو ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى للإيمان بفعالية الإعلام وحجم تأثيره لهزيمة عدو إيراني له تاريخ حافل بالجرائم العابرة للحدود، ويمكن فهم خبر صحيفة «ديلي ميل» قبل أيام، الذي وجه أصابع الاتهام لإيران في قضية لوكيربي في هذا السياق. ولا شك أن توثيق جرائمه المتعددة وإعادة إنتاجها لمخاطبة المجتمع الدولي والداخل الايراني أولوية قصوى.

* كاتب وباحث في الإعلام والاتصال.

@woahmed1