رهان صعب للأمم المتحدة في اليمن (تقرير)
يواصل الموفد الدولي الخاص الى اليمن مارتن جريفيث، الأحد، زيارته الى صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، قبل التوجّه إلى الرياض للقاء مسؤولي الحكومة اليمنية، في محاولة لوضع اتفاقات السويد حول النزاع اليمني موضع التطبيق، لكن المهمة تبدو رهانا صعبا.
وكان جريفيث وصل السبت الى صنعاء، لكن لم يرشح شيء عن محادثاته التي يفترض أن تتناول تنفيذ انسحاب القوى الموجودة في الحديدة (غرب)، حيث المرفأ الاستراتيجي الواقع تحت سيطرة الحوثيين والذي يعتبر البوابة الرئيسية لدخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية الى البلاد. وتتحدث الأمم المتحدة عن "إعادة انتشار".
وإذا كان اتفاق وقف إطلاق النار صامدا الى حد كبير منذ بدء العمل به في 18 ديسمبر في الحديدة نتيجة الاتفاقات التي تمّ التوصل اليها بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة خلال محادثات عقدت في نهاية السنة الماضية في السويد، لم يسجّل على الأرض أي انسحاب ملموس للحوثيين نصت عليه أيضا الاتفاقات.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان الحق الخميس إن "وقف إطلاق النار في الحديدة لا يزال صامدا"، على الرغم من اتهامات متبادلة بين الطرفين بخرق الهدنة.
في 13 ديسمبر، تم الإعلان في السويد عن اتفاق، إثر ثمانية أيام من المحادثات بين وفدين يمثلان حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران.
وتناول الشقّ الأساسي من الاتفاق موضوع الحديدة الذي استقطب الاهتمام الدولي نتيجة الأزمة الإنسانية التي تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم، مشيرة الى أن البلاد على حافة المجاعة. ويعتبر الحفاظ على الأمن في مرفأ الحديدة أساسيا لتموين سكان اليمن.
"فرصة ضائعة"
ولا يوجد في نص الاتفاق الذي نشرته الأمم المتحدة أي جدول زمني للانسحاب من الحديدة، لا بالنسبة الى المتمردين، ولا بالنسبة الى القوات الموالية للحكومة التي كانت دخلت خلال المعارك بعض أطراف المدينة.
وأعلن المتمردون في 29 ديسمبر بداية الانسحاب، لكن الحكومة اليمنية شككت في حصول الانسحاب.
وقال مسؤولون حكوميون إن مقاتلين حوثيين لا يزالون موجودين، ويرتدون بزات خاصة بخفر السواحل أو بالجمارك.
وينص اتفاق السويد على تسليم مرافئ الحديدة والصليف ورأس عيسى الى الإدارات التي كانت تتولى الإشراف عليها قبل وصول الحوثيين في نهاية 2014، وإعطاء دور للأمم المتحدة في إدارة هذه المرافئ.
ولم يتم فتح ممر إنساني كان مقرّرا في 29 ديسمبر بين الحديدة والعاصمة صنعاء، بحسب بيان للأمم المتحدة.
وعبّر الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كمارت، كبير المراقبين المدنيين التابعين للأمم المتحدة المكلفين الإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة، عن استيائه، وعن أسفه لـ"ضياع فرصة" لتعزيز الثقة بين المتنازعين، بحسب ما جاء في البيان.
وأشار الى أن الأمم المتحدة يجب أن تتحقّق من أي انسحاب لكي "يكون ذا مصداقية"، الأمر الذي لم يحصل بالنسبة الى الانسحاب الحوثي المعلن.
وتنص المرحلة الثانية من إعادة الانتشار في الحديدة على انسحاب كل القوى العسكرية من كل أنحاء المدينة. إلا أن سكانا قالوا إن الحوثيين لم يكونوا يوما بهذه الكثافة في المدينة، وإن العديد منهم ارتدوا بزات خاصة بقوى أمنية تابعة لأجهزة مختلفة.
كما اتفق المتنازعون على تبادل آلاف المعتقلين والأسرى، وعلى ترتيبات أمنية في تعز، كبرى مدن جنوب غرب اليمن التي يطوقها المتمردون.
لكن لم يحصل على صعيد إطلاق السجناء إلا تبادل لوائح بأسمائهم، ولم يتمّ الإعلان عن أي تقدم آخر في هذا الملف، ولا في موضوع الترتيبات الأمنية في تعز.
اختلافات في تفسير الاتفاق
ويعتمد الفريقان تفسيرات مختلفة تماما للاتفاقات المعلنة في السويد، بحسب مصادر سياسية يمنية.
ويقول الحوثيون إن إدارة المرافئ يجب أن تسلّم الى السلطات الموجودة في المكان، أي الى فريقهم، بينما تقول الحكومة إن هذه المسؤولية تعود الى الإدارة التي كانت موجودة في المدينة قبل "احتلالها" من الحوثيين، بحسب المصادر.
ويواصل الحوثيون الضغط من أجل إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الملاحة. وأطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لذلك، واستقبلوا جريفيث السبت مقدمين له أطفالا مرضى لا يمكنهم السفر الى الخارج لتلقي العلاج.
ويسيطر الحوثيون على صنعاء منذ أربع سنوات، لكن التحالف العسكري بقيادة السعودية والداعم للحكومة اليمنية يسيطر على أجواء اليمن.
واتهم برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي المتمردين الحوثيين بـاعتماد "سلوك إجرامي" بسبب عدم إيصال مساعدات إغاثة في اليمن، مهددا بوقف التعاون معهم. وقال البرنامج في بيان إن جزءا كبيرا من المساعدة الغذائية الموجهة لأهالي العاصمة صنعاء لم تصلهم. وبدلا عن ذلك، تمّ عرضها للبيع في أسواق في صنعاء.
ويتهم التحالف الحوثيين بخروقات عدة للهدنة، ويؤكد عدم ثقته بالتزام الحوثيين بالاتفاق.