الاشتراكيون وحزب الرابطة .. حرب باردة وعض أصابع داخل هيئات المجلس الإنتقالي

*عقيدة الإشتراكي السياسية ترى ان فكر الرابطة رجعي من الماضي وان الزمن للبروليتاريا والكادحين وليس للمشائخ و للسلاطين*
*في الفكر السياسي لدى الرابطة ان الجبهة القومية انتزعت الجنوب من محيطه العربي إلى الإشتراكية الأممية وجعلت من نيكاراجوا وكوبا وموسكو اقرب من مكة والقاهرة وبغداد.*
*وجدت الإمارات في مزاج الإنفصال ضالتها*
*فجمعت (الرجعي والتقدمي . الماضي والحاضر) في قطار الإنتقالي الذي اضاع وجهته*
*يتحلى الإشتراكيون بقدر من ضبط النفس أمام استفزازات الزبيدي لصالح خصمهم الرابطة ليقينهم انهم الاقوى*
*يحلم الإشتراكيون بالسفر عبر الزمن 6 عقود إلى الوراء بينما يساور الرابطيون حنين إلى ابعد من ذلك.* _
من غرائب السياسة ان يجتمع النقيضان على مساحة معينة ويلتقي الماضي والحاضر في مسار غير سوي..وتتداخل الأولوان الغير متجانسة في لوحة فنية معروضة...
هذا بالضبط حال المجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يشكل الحزب الإشتراكي وحزب الرابطة جناحيه المتنافرين ورجليه المتضاربتين ويديه الغير منسجمتين يضاف إليهما _وإن بشكل اقل_ المحبطون واليائسون والمندسون من الأحزاب الاخرى.
حزب الرابطة بما يمثلة من إرث ماضوي لسلطنات وإمارات ومشائخ عاشت في جنوب وشرق اليمن لثلاثة قرون .
بينما الحزب الإشتراكي الشمولي مؤسس الجمهورية الاولى في جنوب اليمن على انقاض مشروع وفكر الرابطة وبنيان الجنوب العربي الذي كانت ترعاه بريطانيا التي احتلت عدن.
في الفكر السياسي لدى حزب الرابطة أن الحزب الإشتراكي عدو مبين لا يؤمن جانبه فهو الذي اقصاه من الواقع بثورة 14 أكتوبر والجبهة القومية التي انتزعت جنوب اليمن من محيطه العربي والإسلامي إلى الإشتراكية الأممية وجعلت من (نيكراجوا وكوبا وموسكو) اقرب من مكة والقاهرة وبغداد.
بينما في العقيدة السياسية لدى الحزب الإشتراكي ان فكر الرابطة رجعي وجب التطهر منها (فلا صوت يعلو على صوت الحزب القائد والموجه ) وممثل الكادحين والجماهير الغفيرة والبرولتاريا ( الطبقة العاملة) الذين هم محور الحكم والتغيير والفاعلية وليس السلطان أوالامير أو الشيخ.
بقي النقيضان بنفس التمترس دون تحديثات او حوارات لتقليص مساحة الخلاف ألى ان جاء الحراك الجنوبي في 2007م ووجدا انفسهما في مواجهة مباشرة بلا مقدمات.
🟢 وجدت الإمارات في مزاج الإنفصال ضالتها
فجمعت الرجعي والتقدمي .. الماضي والحاضر في قطار الإنتقالي الذي اضاع وجهته
شهد الحراك الجنوبي الذي اندلع بسبب مظلمة المتقاعدين العسكريين الجنوبين ثم تفاعل إلى قطاعات واسعة من الشعب في المحافظات الجنوبية على قاعدة المطالب الحقوقية ثم ذهب بعيدا إلى المطالب السياسية وتبني مشروع الإنفصال.
شهد هذا الحراك جولات من الشد والتجذب عبر ممثلي حزبي الرابطة والإشتراكي الذين ركبوا موجته وحاول كل طرف تطويعه لصالح اجندته.
وقد كانت اول بوادر هذا الصراع بين الإشتراكي والرابطة في مهرجان ردفان 2007م عندما أعلن احمد عمر بن فريد (رابطة) دعوته الشهيرة بضرورة الإستقالات الجماعية من الاحزاب اليمنية ( كان يقصد الحزب الإشتراكي اليمني تحديدا) فهو المتافس الاخطر على حزبه الرابطة حينذاك.
وبعد اجتياح الحوثيين لصنعاء والجنوب في 2015م جاء تدخل الإمارات مع السعودية في ما سمي بعاصفة الحزم في مارس من نفس العام.
وجدت الإمارات في المزاج الإنفصالي الإنفعالي فرصتها وحصانها المناسب لتحقيق مطامعها في هذه المحافظات .
رأت جموع الغاضبين الموتورين والحائرين البائسين وقد تخلوا عن انتمائهم ويتخبطون بلا بوصلة .
واقع رخو وغير متماسك فجمعت ابوظبي كيدها والقت حبالها عليهم و منحتهم مكونا اسمه المجلس الإنتقالي الجنوبي في عام 2017م مع رايات انفصالية ومعسكرات وخطابات وألقاب وشعارات وعلب طلاء.
جمعت في هذا المجلس آل علي سالم البيض واتباعه وآل عبدالرحمن الجفري ومريديه.
وقالت امضوا لاستعادة ( دولة الجنوب العربي ) مع ان الجنوب العربي لم يكن دولة بل مشروع استعماري بريطاني .
ذهب عيدروس الزبيدي إلى لندن وخاطب حكامها بالقول (نحن وبريطانيا شركاء في الجنوب العربي) وقد صدق فمشروع الجنوب العربي السلطنات والإمارات هو منتج بريطاني اقيم وانهار في عقد الخمسينيات من القرن العشرين.
🟢 *يتحلى الإشتراكيون بقدر من ضبط النفس أمام استفزازات الزبيدي لصالح خصمهم الرابطة*
وكلما هرول عيدروس الزبيدي نحو ابوظبي كلما ابتعد عن اليمن والجنوب العربي ايضا .
وكلما وجد الاشتراكيون انفسهم في صراع مع الذات ومع الافكار ومع التاريخ والادبيات والآمال.
عيدروس مجرد عسكري بلا رصيد سياسي ومعزول ومطارد في مناطق نائية بجبال الضالع
بمجرد ان امسكت ابوظبي بطوقه انقاد بكل طواعية وهو مستعد لفعل كل ماتريد حتى لو ضربت به البر والبحر ومن اعلى اي جبل . لا يهم بعد.
صبر الاشتراكيون على مضض لكنهم كانوا على يقين ان كوادرهم وجماهيرهم هم الاقوى والأكثر في جسم الإنتقالي وفي هرمه القيادي وأنهم في لحظة ما سيعيدون ضبط المصنع وابتلاع عيدروس وكل دهاقنة الرابطة والملتحين من متطرفي هاني بن بريك وابي زرعة المحرمي.
لكن عيدروس واصل استفزازهم كثيرا وبلغ ذروة هذا الإستفزاز عندما اعلن عن تشكيل (مجلس شيوخ الجنوب العربي) الإسم ديمقراطي والمضمون ماضوي رجعي .
تشكيل مجلس شيوخ معناه استحواذ فكر وشخوص حزب الرابطة على المكون . لأن مجلس الشيوخ هذا سيبنى على إرث تاريخي للمشائخ والأمراء والسلاطين التقليدين وابنائهم وأحفادهم وهم اقرب للرابطة وجلهم اعداء للإشتراكي الذي نكل بهم وشردهم .
🟢 *الإشتراكيون يفشلون مجلس شيوخ الجنوب*
تشكيل مجلس شيوخ الجنوب العربي جعل الأمين العام السابق ياسين سعيد نعمان يخرج بمقال منشور يحذر فيه من الخطوة ويعتبرها ارتدادا كبيرا.
وعلى نفس المنوال ظهرت الكثير من المواقف التي لم يستطع الاشتراكيون كتمها بأن الانتقالي لا يحتاج مزيد من الهيئات والمسميات فهو متخم بهذه التشكيلات الغير مفعله بل إن لدى رئيس المجلس الإنتقالي أكثر من 300 مستشار حتى رئيس امريكا والصين لم يفعلوا مثله _ حسب صحفي اشتراكي ضالعي.
موجه عاصفة من الغضب عبر عنها الاشتراكيون ليس آخرهم البرلماني الإشتراكي عيدروس النقيب.
جميعهم اعتبروا هذه الخطوة تنسف كل تاريخ الجنوب الحديث وانجازات الإشتراكي الذي وحد 23 سلطنة وإمارة ومشيخة قسرا تحت علم دولة متماسكة رغم انها لم تعش سوى 23 عاما فقط بين 1967 _ 1990م
واضح ان ردة فعل الإشتراكيين قد اجلت إجراءت تشكيل مجلس الشيوخ هذا حيث صدر قرار رئيس الإنتقالي بشأنه في شهر مارس وقد مضى شهران دون ان نرى او نسمع شيئا بشأنه.
وبالنتيجة فقد تمكن الإشتراكيون في المجلس الإنتقالي من إفشال مكتسب كان سيذهب لصالح تقوية صوت وقرار خصومهم في الحزب الرابطة.
🟢 *متساقطون في حلبة الصراع*
عضو مجلس النواب عن الحزب الإشتراكي ناصر الخبجي لا يخفي تبرمه من عيدروس الزبيدي في طريقة إدارته للمجلس الإنتقالي وهذا ما افصح عنه علنا امام الكثير ممن التقوا به،
ومثله نائب رئيس اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني الرفيق فضل الجعدي الذي تدرج في هرم المجلس الإنتقالي حتى وصل إلى منصب الأمين العام هاهو اليوم يقضي عقوبة الإقصاء من الإنتقالي لأكثر من عام بسبب اعتراضاته على بعض القرارات التي تتناقض مع ما تعلمه وعاش عليه طيلة عقود في مسار الحزب وما تفاجئ به اليوم وسط اجندات اماراتية وافكار رابطية وشيء من الإشتراكية قليل.
وقال اعلاميون في المجلس الإنتقالي انه جرى تجميد فضل الجعدي بعد مشاركته في لقاء الإشهار الذي شهده عدن للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في شهر نوفمبر العام الماضي وقاطعه المجلس الإنتقالي.
وعلى نفس الوتيرة تراجع نشاط احمد عمر بن فريد الذي شعر بالإعياء من خصومات ومناكفات الإشتراكيين داخل الإنتقالي.
يتصارع الإشتراكي والرابطة عن تركة وماضي مع فارق زمني بسيط بين أهدافهما.
ففي حين يحلم الإشتراكي بالسفر عبر الزمن ستة عقود فقط إلى الوراء يساور الرابطيون حنين إلى ابعد من ذلك.
وما لم يستوعبه الطرفان ان عجلة الزمن تدور إلى الأمام ولا تعود إلى الخلف وأن السائرين باتجاه الماضي لا يصلون أبدا.
▪️الجنوب اليمني