الفساد يضرب ميناء عدن.. "مشرفو الانتقالي" يفرضون شراكة قسرية على البضائع .والتجار يلوحون بالمغادرة الجماعية!

في تطور خطير يُنذر بانهيار منظومة العمل في ميناء عدن، أطلق عدد من التجار صرخة استغاثة عاجلة لإنقاذ الميناء الذي يشهد فسادًا ممنهجًا وفوضى إشرافية تُشبه أساليب جماعة الحوثي في صنعاء. وكشفوا عن قيام المجلس الانتقالي الجنوبي بتنصيب شبكة من "المشرفين" غير الرسميين داخل الميناء والجمارك، يمارسون الترهيب وفرض شراكة قسرية على التجار في تجارتهم ، ما تسبب في خسائر فادحة وتهديد لسمعة الميناء كبوابة اقتصادية حيوية.
مضايقات وابتزاز تحت غطاء "الإشراف":
كشف تجار أن المدعو "مكسيم هيثم الردفاني"، أحد المشرفين المعينين من قبل المجلس الانتقالي، يتعمد مضايقة التجار عبر إجبارهم على دفع إتاوات سرية وفرض أشخاص بعينهم للمشاركة في تجارتهم "قسرًا"، تحت تهديد تعطيل إجراءات البضائع. وأضافوا أن الرفض يُقابل بعرقلة إخراج البضائع من الميناء، وإبقائها في الحاويات لأشهر، مما يُكبدهم رسوم تخزين باهظة تصل إلى آلاف الدولارات يوميًا.
وأشاروا إلى أن الردفاني يتبع أساليب "استفزازية" في تفتيش البضائع، ويعمل على تخويف المخلصين الجمركيين التابعين للتجار، عبر تهديدهم بإجراءات تعسفية إذا رفضوا الانصياع لمطالبه. كما أوضحوا أن المشرف الأعلى "عبد الحميد الضالعي"، الذي يُعتبر مرجعية الردفاني، يمارس ذات الأساليب.
نظام "الحرامية" يُطبق في الميناء السيادي:
اتهم مراقبون المجلس الانتقالي بتكرار نموذج الحوثيين في فرض المشرفين، الذين يتحكمون في التفاصيل التشغيلية للميناء فوق سلطة الجهات الرسمية. ولفتوا إلى أن مدير أمن المنطقة الحرة ومدير الجمارك، اللذين يُفترض أنهما الجهة المشرفة، أصبحا عاجزين عن التصدي للفوضى بسبب هيمنة المشرفين، الذين يفرضون كلمتهم بالقوة.
وقال أحد التجار، مفضلًا عدم ذكر اسمه: "إذا اعترضت على ممارسات المشرفين، يلفقون لك تهمًا ويهددون بتدمير تجارتك. أصبحنا مجبرين على القبول بوجودهم كأمر واقع، لكننا نخشى أن يصبح الميناء ساحة للنهب العلني".
بدوره، قال مصدر في ميناء عدن إن الفوضى بلغت ذروتها وتحول الميناء إلى "سوق حراج" تُفرض فيه إتاوات بالقوة، مضيفًا: "إذا لم يتم وضع حد لهذا العبث، سنفقد الثقة الدولية بميناء عدن، وستتحول بقية المرافق السيادية إلى ملكيات خاصة للمشرفين".
نفوذ متوسع ومشرفون متنفذون:
ولا تقتصر التجاوزات على هؤلاء، حيث تشير المصادر إلى أن هناك مشرفين آخرين يتبعون القيادي أبو زرعة المحرمي، يمارسون نفس الانتهاكات في الميناء، إذ يفرضون شروطهم على التجار، ولا يسمحون لهم بمزاولة أعمالهم إلا بعد إشراكهم في تجارتهم بشكل قسري. كما يفرضون جبايات سرية ورسومًا غير قانونية، مما يزيد من الأعباء المالية على التجار ويهدد استمرارية أعمالهم.
تجار يهجرون الميناء.. والسبب: "استبداد المشرفين":
أكد تجار أن عددًا منهم غادر ميناء عدن بالفعل، بعد أن وصلت بهم حالة الإحباط إلى الذروة جراء ممارسات المشرفين، الذين يفرضون شروطهم بقوة ويهددون بتعطيل البضائع أو تلفيق تهم للتجار الرافضين. وقال التاجر "ط. ع": "غادرت الميناء بعد أن دمر المشرفون تجارتي، وحولوا عملي إلى جحيم. لم يعد هناك مكان للقانون أو العدالة هنا".
تهديد بمغادرة جماعية: "إما وقف الفساد.. أو خسارة الميناء":
حذر تجار آخرون من أن استمرار سيطرة المشرفين على الميناء سيؤدي إلى مغادرتهم الجماعية، مما يُفقد عدن أحد أهم مواردها الاقتصادية. وأوضح التاجر " ق. م" أن المشرفين "لا يكتفون بالمشاركة القسرية في الأرباح، بل يفرضون علينا شركاء غير مرغوب فيهم، ويعرقلون الإجراءات الجمركية لأسابيع، مما يكبدنا خسائر فادحة". وأضاف: "إذا لم يتوقف هذا العبث، سنضطر لمغادرة الميناء إلى وجهات بديلة، حتى لو كلفنا ذلك خسارة جزء من رأس المال".
من العبث إلى الحل الجذري:
أكد خبراء اقتصاديون أن استمرار الفساد في ميناء عدن يُنذر بكارثة، خاصة مع تراجع الإيرادات وتزايد الشكاوى من رجال الأعمال. وشددوا على ضرورة إعادة هيكلة الإدارات الرقابية، وتفعيل الشفافية، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في استغلال النفوذ، لاستعادة دور الميناء كرافد اقتصادي وطني، بدلًا من أن يكون مصدرًا لثروات شخصية.
ميناء عدن بين السيادة والفوضى:
ويطرح مراقبون تساؤلات جوهرية حول جدوى استمرار هذه اللجان المشرفة، رغم وجود أجهزة أمنية متعددة مثل أمن المنطقة الحرة، الاستخبارات، الأمن السياسي، والأمن القومي. فبدلًا من تعزيز الحماية والنظام، تحوّل الميناء إلى بؤرة للابتزاز ونهب التجار، مما يضعه أمام خطر التراجع وفقدان ثقة المستثمرين.
نداء عاجل لإنقاذ "السيادة" قبل الانهيار:
ناشد التجار والنشطاء رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي ونائبه عبد الرحمن المحرمي، بالتدخل لإزالة المشرفين ومحاسبة المتورطين في الفساد، محذرين من أن استمرار الوضع سيؤدي إلى انهيار الميناء، الذي يُعد أحد أهم مصادر الدخل الاقتصادية للمدينة.
ختامًا:
هل سيتحرك المجلس الانتقالي لإنقاذ ميناء عدن من براثن الفساد؟ أم أن المصالح الشخصية ستظل تتفوق على المصلحة العامة؟ سؤال ينتظر إجابة عاجلة قبل فوات الأوان.