الصحافيون وشبكات التواصل.. من لم يتجدد سيتبدد

ما لم ندركه اليوم 
ان تأثير وسائل الإعلام التقليدية تراجع او يكاد ينتهي

الإعلام الرسمي والحزبي والأهلي تم سحب البساط من تحت قدميه بالكامل واصبح الفضاء مفتوحا مختلطا متداخلا.

القوالب والطرق والفنون الصحفية المعروفة لم تعد مستساغة اليوم.

نحن امام واقع مختلف اسمه الإعلام الجديد . شبكات التواصل الإجتماعي والإعلامي المواطن.
لا قواعد ولا قوالب محددة ولا ضوابط ولا حدود ..صفحات وحسابات وقنوات وقروبات تصنع الراي العام وتؤثر فيه وتوجهه.

بعض هذه الصفحات (لتافهين) وحسابات ربما لغير متعلمين ولا يجيدون حتى كتابة سطر مرتب او خبر صحفي بأركانه الستة  لكن لهم مقاطع وتسجيلات كثيفة تحصد الإلاف من المتابعين ويتناقلها الجمهور،

أسألك: 
كم نقرا من الصحف الورقية ؟  وهل لازال هناك من يشتري هذه الصحف؟! 
كم ساعة  تشاهد التلفاز يوميا مقارنة بمكوثك في شبكات التواصل واتس اب وغيره ؟ 
كم نعتمد على المواقع الصحفية الإلكترونية مقارنة بتفاعلاتنا واهتماماتنا بصفحات التواصل ؟

وللتوضيح أكثر:
ايهم أكثر شهرة اليوم ومتابعة لدى الرأي العام من حيث الكم، هل هم صحافيون وإعلاميون أم ناشطون لا ينتمون اصلا لمهنة الصحافة؟!

 بالتأكيد من حيث كم المشهورين في شبكات التواصل ليسو صحفيين ولا اعلاميين.
فكيف يشتهر هؤلاء ويفوقون حتى صحافيين و اعلاميين اصحاب مهنة مع انهم لا يفقهون اي فن من فنون الصحافة والإعلام؟!

الإجابة بسيطة : 
لأن الإعلام الجديد (شبكات التواصل الإجتماعي) لا تعترف بهذه القواعد وهذه الفنون وهذه التنميطات التي تحكم أداء المؤسسات الصحفية والإعلامية.

وأنا أكتب هذا المقال فكلما استطال وزادت مساحته استثقلته واستصعبت توزيعه. لان فضاء شبكات التواصل الإجتماعي يعتمد على الإختصار كما ان المتابع فيها يستقبل آلاف الرسائل والصور والمقاطع والتسجيلات في نفس الوقت،

اعود فاقول: قد تجد صحفيا واعلاميا وفي نفس الوقت  هو ناشط مشهور في الإعلام الجديد. جمهوره لا يعرفون شيئا عن صحيفته ولا يتابعونها وربما يكون هو رئيسها.
يعني مشهور كناشط في التواصل وليس كصحفي وصاحب وسيله اعلامية، 

مقدم البرنامج الشهير الإتجاه المعاكس (فيصل القاسم) سال في احد اللقاءات : 
أين تعتقد أكثر جمهورك  هل عبر الجزيرة ام عبر حسابك في X ؟!
يجيب : اكيد عبر شبكات التواصل اما عبر القناة فلا علم لي.


سيقول قائل : لكن المؤسسات الإعلامية هي التي تنتج المادة الإعلامية باحترافية وهي الاقدر على متابعة الاحداث وفهمها ومن ثم تحليلها وتوجيهها.
واقول : حتى المادة الإعلامية الصادرة عن مؤسسة وقناة وصحيفة يكون مسار انتشارها  الأكثر اليوم هو شبكات التواصل كما وقد تنتج نفس المادة بعيدا عن القناة الفضائية ثم تسوق في الإعلام الجديد .

ألم يكن فيسبوك هو رافعة ثورات الربيع العربي في عام 2011م 
واستطاعت منصة X ان تكسر الحصار الذي ارادت كبريات المؤسسات الإعلامية في امريكا واوروبا ان تفرضه على المجازر الإسرائيلية في غزة؟.

الذباب والجيش الإلكتروني مصطلحات معبرة عن حجم التأثير الكاسح لشبكات التواصل الإجتماعي في عالمنا اليوم.

باختصار: هل نستطيع  ان نفكر بشكل جديد و ان نبتكر قوالب وطرق ورسائل مناسبة لهذا الإعلام الجديد ونؤثر فيه ولا نكتفي بشتمه واحتقاره ووصفه بالغوغائية والشعبوية والتفاهة والعالم الإفتراضي؟!.