السفير الذي يقتات بتاريخ والده
في زمن الحوثي تكشفت كثير من الوجوه التي ما كان لها ان تظهر على حقيقتها في الظروف الطبيعية، فقد حاولت شخصيات كثيرة أن تبدو وطنية من الطراز الأول، لكن الظروف الاستثنائية أخرجت مكنوناتها، وظهر ذلك من فلتات الألسنة والأقلام.
تابعت خلال الثلاثة الأعوام الماضية ما يصدر عن السفير مصطفى نعمان، وكتاباته التي يجهد فيها أن يبدو عقلانياً ويخفي تفاهات لا حصر لها، وهو في كل ما يسطره مما يحاول أن يوهمنا به أنه مقدم حلول، لا يبحث إلا عن دور له، مستغلاً التاريخ السياسي والنضالي لوالده.
كم يبدو سخيفاً ومقرفاً أن قامات سامقة في النضال الوطني خلفت كائنات رخوة لا تتقن إلا التفاهة، وكم من شخصيات ناضلت من أجل الجمهورية جاء أولادهم كهنة في كهف الإمامة، وقديماً قالوا "النار لا تخلف إلا رماد" والحقيقة أن بعض النار تخلف بلاستيكاً محترقاً.
أجدني هنا أسرد أمثالاً شعبية ويبدو أن كل الأمثال يمكن ان تكون امثولات لما يفعله مصطفى نعمان، فـ "الذي ما معه عمل يدور له جمل" وهكذا يفعل الفراغ بصاحبه، لكنه في حالة نعمان يجعله منظراً، وليس منظراً عادياً، بل من أولئك الذي يسخرون نظرياتهم لرغباتهم الشخصية، كما يستغلون تاريخ من سبقهم للتغطية على أجندتهم المتكشفة.
من عواصم عربية وأوروبية يعمل مصطفى على استهداف الشرعية بكافة رموزها، ليس نقداً لأدائها أو تصويباً لمسارها، لكنه يوضح من حيث لا يدري أنه يستهدفها ضمن مشروع إقليمي لاستهداف الشرعية، واتساقاً مع انقلاب مليشيا الحوثي.
سيقول البعض أن مصطفى ليس بدعاً من آخرين من أبناء الثوار والمناضلين الذي رضوا بالدونية في مشروع الحوثي الإمامي، أو التحول إلى كائنات رخوية تدمن التنظير الأخرق، لكن مصطفى نعمان يفعل ما هو أنكى من ذلك، إنه يمارس الردح باستعلائية مقيتة ومقرفة، بينما يعاقر الشراب من بار إلى آخر، ولا يجد حرجاً في أن يخرج ليتحدث عن معاناة الشعب اليمني بسبب الشرعية، ويغمض عينية عن انقلاب إمامي بمحرك إقليمي، كان والده في طليعة المواجهين له.
لمصطفى نعمان الحق في ادعاء أنه سوبرمان اليمن وان اهماله سبب الازمة التي تمر بها الشرعية، ويظل يسائل نفسه: كيف لشخص مثلي في حجمه وقدرته أن يعيش في الهامش؟! لكن ليس من حقه أن يستمر في مغالطاته ويريد اقناعنا أن ما يطرحه لا يريد من وراءه مجداً شخصياً على حساب القضية اليمنية العادلة.
يبحث مصطفى عن محفزات السلام وسبل انهاء الحرب، لكنه لم يبحث عن أسباب اشتعالها، ولا عن الانقلاب باعتباره أم الكبائر، إذ أن هذه المسلمات والبديهيات لا تروقه، فهو المنظر الذي لا تعديل عليه.
النضال والوطنية يا سعادة السفير ليس ادعاء ولا يقاس بانخراط الفرد في هيكل المناصب الحكومية، وهو كذلك لا يمكن توريثه بل هو مجد مكتسب إن لم تسنده مواقف تعزز منه فإنه يتحول إلى متاجرة بأمجاد الأوائل وتشويه لنضالاتهم، فلا تدع "الفرغة" تحولك إلى شيء آخر.