في ذكرى 14 أكتوبر ساحة العروض تجمعنا

في ذكرى 14 أكتوبر ساحة العروض تجمعنا 

سيظل 14أكتوبر قاسما مشتركا بيننا جميعا مهما تباعدنا أو اختلفنا ، نجدد فيه العهد ، ونستمدُّ من روحه التحدي ، ومن كبريائه العظمة ، ومن شموخه المجد والسؤدد.

فخلود تشرين في عقولنا ووجداننا يحتم علينا أن لا تمر ذكراه مرورا عابرا ، تعظيما ووفاء لتضحيات الأباء والأبناء الذين لايزالون يقدمون القرابين في محراب الوطن .

سيظل الرابع عشر من تشرين  يوما خالدا في حياتنا ، نستمد من أنفاسه روح الشموخ والإباء ، مهما حاول أصحاب المشاريع الصغيرة ، تقزيم الوطن ،  وتحجيم تطلّعات الجماهير ، وتفصيل  آمالها ، وحقها في الحياة ،  وفقا لمقاساتهم المناطقية الضيقة .

سيظل 14 أكتوبر  منهلا  نستمد منه روح الإصرار والعزيمة ، للمضي في بناء وطن آمن مستقر ، يتسع لكل أبنائه  .

ساحة العروض  يجب أن تجمعنا ، لنحتفل  بتشرين العظيم ،  ونغني للأمل، للحب ، للتسامي ،  والتعالي فوق جراحنا ، وفرقتنا، وفقرنا ، وبؤسنا ، وآلمنا ، لنجسد إصرارنا على الإخاء ، ونبذ الفرقة ، والالتفاف حول بعضنا مهما تباينت مشاريعنا ، واختلفت أراؤنا وتوجهاتنا .

ساحة العرووض تجمعنا ، في ذكرى تشرين الأغر ، ذكرى انتصار الأباء ، الذين استطاعوا صهر الكيانات المناطقية الصغيرة تحت علم واحد ، ونظام واحد ، ودولة واحدة ، وغيرها من المنجزات العظيمة ، فلو لم يكن لتشرين منجزا  إلا هذا لكفاه فخرا وشرفا على مر العصور والأزمان  .

ساحة العروض تجمعنا لنسمو فوق الجراح ، لتطهير الوطن من رجس الأحقاد المناطقية النتنة ، وأدران صراعات الماضي العقيمة ، وعقليته المتخلفة ، التي لم تورث سوى الأحقاد والكراهية ، التي تتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة ، وقيمنا العربية الأصيلة .

ساحة العروض تجمعنا ، تجسيدا لمعاني الأخوة ، وقبول بعضنا بعضا ، رغم اختلاف توجهاتنا ، وأفكارنا ، وانتمائتنا ، ومحافظاتنا ومديرياتنا ، ومناطقنا ، لنستظل جميعا تحت راية الوطن ، نرتل في محرابه ترانيم حبنا ، وتأخينا ، وتعاضدنا ، وتأزرنا ، وتكاتفنا ، وتلاحمنا ،  وقبول بعضنا...ونقدم في ذكرى هذا اليوم الوطني الخالد قرابين العفو والصفح ، من أجل الوطن في يوم عيده ، لنسمو عاليا محلقين  في فضاء فردوسنا الأرضي عدن .

ساحة العروض تجمعنا ، لتهتف ألآف الحناجر بصوت واحد (عشت ياوطني رغم الجراح ورغم المحن )  لا من أجل زعيم ، أو حزب ، أو تيار ، أو جماعة ، لأن الوطن أعظم  وأجل من هؤلاء جميعا  .

فلتكن ذكرى الرابع عشر من تشرين تجديدا لعهد الأخاء والمحبة والسلام ، وتأكيدا لمبدأ الوطن للجميع ، لإن الوطن الذي لايتسع للجميع ؛ سيضيق بالجميع ، والدولة التي لاتكون للجميع سيقوض أركانها الجميع ، والنظام الذي لايلبي تطلعات الجميع ستتهاون أركانه تحت ضربات الجميع ، والأهداف التي لم تكن من  أجل الجميع سيتصدى لافشالها  الجميع ، وإذا لم يعمل الجميع من أجل الجميع ، سيعمل الجميع ضد الجميع .

هكذا هي السنن الكونية  ، و هكذا أثبتت التجارب الإنسانية ، وهكذا تقول النواميس البشرية ، فالشعوب التي استطاعت أن تحجز مكانها بين الأمم المتقدمة مرت بما مرتَّ به شعوبنا العربية ، من حروب وصراعات دينية وجهوية  وعرقية وسياسية ؛ ولم تستطع الخروج من أتون هذه الصراع المزمن إلا حين كان نضالها من أجل الوطن ، وتضحياتها  من أجل الشعب  ، وخلعت عن نفسها كل رداء مناطقي ، أو حزبي أو عرقي ، لايغطي جسدا ، ولايستر عورة ؛ وتوشَّحت برداء الوطن ، فزينها التاريخ  بأوسمة المجد وتيجان الشموخ والعظمة .

              سعيد النخعي  
          13/أكتوبر/2018م

مقالات الكاتب