وكالة تركية: لا مفر من مباحثات مباشرة بين الأطراف اليمنية لإنهاء الحرب

مانشيت - وكالات :

أكدت وكالة الأناضول التركية أنه يتعين إجراء مباحثات يمنية-يمنية بين الأطراف المتصارعة في البلاد، من أجل الوصول إلى مسار تفاوضي سليم قادر على إنهاء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 7 سنوات.

وذكرت الوكالة في مقال للكاتبة "زينب توفيكتشي غولاي"، أن الوضع الحالي مختلف عما جرى في السنوات السابقة، لا سيما مع اختيار مجلس رئاسي جديد وحد كل الجهات المعارضة لمليشيا الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء.

 

مباحثات مباشرة

وأوضحت الوكالة أنه من أجل الوصول إلى مسار تفاوضي سليم، يجب إجراء مباحثات مباشرة بين طرفي الصراع في اليمن، جماعة الحوثي المدعومة من إيران والسلطة المعترف بها من الأمم المتحدة برئاسة المجلس الرئاسي.

وتشكل المجلس المؤلف من ثمانية أشخاص مناصفة بين الجنوبيين والشماليين برئاسة رشاد العليمي بعد نقل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كامل صلاحياته له في 7 أبريل/ نيسان 2022.

ويتكون المجلس في معظمه من قيادات ميدانية من مختلف القطاعات الجغرافية اليمنية، لها خبرة في قتال جماعة الحوثي، تعطي هذا المجلس أهمية كبرى مقارنة بقيادة هادي.

وشهد اليمن في مارس/ آذار 2022 تصعيدا خطيرا في هجمات الحوثيين عبر الحدود بالصواريخ والطائرات المسيرة على مواقع حيوية، شملت مطارات ومحطات مياه ومنشآت نفطية، ردت عليها السعودية بهجمات جوية في صنعاء ومدن أخرى.

ويواجه اليمن أزمة إنسانية شديدة، إذ يقول برنامج الغذاء العالمي إن 17.4 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويمكن أن تصل أعدادهم في حال استمرت الحرب إلى 19 مليونا بحلول نهاية 2022، بينما يحتاج 2.2 مليون طفل دون الخامسة إلى علاج من سوء التغذية الحاد.

ولأول مرة تنجح الأمم المتحدة في إرساء هدنة "مؤقتة" قابلة للتمديد، ابتداء من الثاني من أبريل الماضي وافقت عليها جماعة الحوثي بعد أقل من أسبوع على انتقال السلطة إلى المجلس الرئاسي في اليمن.

وتضمن اتفاق الهدنة المؤقتة في فتح المعابر في مدينة تعز (جنوب غرب) المحاصرة من قبل جماعة الحوثي كأحد أولويات الحكومة الشرعية، في مقابل فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية بواقع رحلتين أسبوعيا، إحداهما إلى مصر والأخرى للأردن.

وتشمل الهدنة وقفا شاملا للعمليات العسكرية في جميع أنحاء البلاد، ووقف الهجمات عبر الحدود، إضافة إلى تخفيف القيود على مطار صنعاء لأغراض السفر والرحلات التجارية، والسماح لناقلات الطاقة باستئناف توريد شحنات النفط إلى ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي.

 

انهيار متوقع

ورأت الوكالة التركية أن الهدنة المؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت في أجواء من تبادل الاتهامات بخرقها من قبل طرفي الحرب.

إلى جانب فشل المساعي في تنفيذ البند المتعلق برفع الحصار عن تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ يوليو/ تموز 2015، واتهام الجماعة للتحالف السعودي الإماراتي بعدم الاستجابة لمستلزمات إعادة فتح مطار صنعاء المغلق منذ أغسطس/ آب 2016.

وبعد مضي شهر كامل على الهدنة، لا تزال جماعة الحوثي تمتنع عن تسمية ممثليها في اللجنة الخاصة بفتح المعابر والطرقات المؤدية إلى تعز من الاتجاهات كافة، وفق نص مبادرة الهدنة، حسب تصريحات سابقة أدلى بها رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي.

في ذات الوقت، أكد وزير الإعلام بالحكومة اليمنية معمر الإرياني، أنهم حريصون على تجاوز العراقيل التي تضعها جماعة الحوثي أمام تسيير الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى العاصمة الأردنية، لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين.

وأشار إلى استعداد الحكومة إلى إصدار جوازات سفر حكومية بالتنسيق مع الأمم المتحدة لجميع اليمنيين بمن فيهم أولئك الذين يعيشون تحت سيطرة جماعة الحوثي.

وأدانت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان اليمنية في بيان لها، استمرار جماعة الحوثي بخرق الهدنة المؤقتة واستهداف المدنيين، كان آخرها مقتل مدنيين اثنين بينما كانا يرعيان الأغنام شمالي محافظة الضالع، جنوبي البلاد.

وأعلن الجيش اليمني توثيق 181 خرقا خلال يومين فقط، تنوعت بين إطلاق النار في الجبهات كافة من سلاح المدفعية والعيارات المختلفة، وتنفيذ عمليات إعادة تموضع لآليات وعناصر مسلحة، ودفع تعزيزات إلى مختلف المواقع، واستحداث تحصينات.

ولم تعلق جماعة الحوثي على بيان الجيش، لكنها سبق أن اتهمت التحالف العربي بخرق الهدنة في أكثر من جبهة من جبهات القتال.

لكن جماعة الحوثي حملت التحالف العربي مسؤولية ذلك، وقالت إن التحالف رفض منح الخطوط الجوية اليمنية تصريح هبوط رحلة كان من المقرر وصولها إلى صنعاء.

واتهم المتحدث باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام "التحالف" بالتنصل والتعنت في ما يتعلق بإعادة فتح مطار صنعاء، ودعا الأمم المتحدة إلى أن تقوم بواجبها وفقا لاتفاق الهدنة.

 

تغيرات دولية

ولفتت الوكالة التركية إلى أنه بينما أعلن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ دعم واشنطن للقيادة اليمنية الجديدة، كشف عن أن الرئيس جو بايدن طلب مراجعة إعادة الحوثيين على قائمة الإرهاب، مؤكدا أن قرار رفع الحوثيين من القائمة كان هدفه فقط السماح بوصول المساعدات لليمنيين.

وكانت إدارة جو بايدن قد رفعت اسم جماعة الحوثي من قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية، في يناير/ كانون الثاني 2021، حيث ألغت قرارا اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب في آخر أيام رئاسته.

وتوفر سلطنة عمان بيئة محايدة تمكنها من الوصول إلى معظم الكيانات السياسية اليمنية المعنية بالحرب، بما فيها جماعة الحوثي، وقدرة على إدارة حوارات مباشرة بين الحوثيين والسعوديين من شأنها تخفيف حدة التوترات والتوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة، والدخول في مسار تفاوضي بين اليمنيين برعاية الأمم المتحدة لوضع نهاية أكيدة للحرب.

ومنذ عام 2015، واصل العمانيون جهود الوساطة بين أطراف الحرب اليمنية، كجزء من استراتيجياتها في منع توسع رقعة الحرب جغرافيا، وترسيخ دور السلطنة كوسيط إقليمي يحظى باحترام الأطراف اليمنية جميعا، بالإضافة إلى كل من السعودية وإيران والولايات المتحدة كأطراف فاعلة في الحرب اليمنية.

وسيكون على الأمم المتحدة تكثيف جهودها بالتنسيق مع جماعة الحوثي لتمديد الهدنة والإشراف على مفاوضات يمنية ـ يمنية تفضي إلى وضع نهاية للحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنوات.

ولا تبدي جماعة الحوثي أي استجابة واضحة لرغبات الأمم المتحدة التي نقلها المبعوث الأممي هانس غرودنبيرغ إلى قيادات الجماعة في صنعاء بعد أيام من إعلان الهدنة المؤقتة.

في الواقع، فإن كلا من السعودية وإيران، وهما الطرفان الإقليميان الأكثر تأثيرا في مجريات الصراع في اليمن، أصبحتا على قناعة كاملة بأن الحسم العسكري لأي طرف من طرفي الصراع لم يعد واقعيا، وبالتالي أصبح خارج تفكير قيادات البلدين.

وتعتقد الرياض وطهران أن السبيل الوحيد لإنهاء الحرب لن يكون إلا عبر مفاوضات الأطراف اليمنية المعنية بالحرب، وأن الهدنة المؤقتة التي رحبت بها طهران قد تكون بوابة الدخول في مفاوضات إنهاء الحرب وإحلال السلام الشامل.