لماذا سمح رئيس الوزراء باقتحام معاشيق، وما مصلحته من ذلك؟!

مانشيت - متابعات :

لا يزال هناك من لديه بعض الالتباس وعدم إدراك مغزى ما حدث الأسبوع الماضي من مظاهرات اقتحمت على إثرها مجاميع تتبع الانتقالي الاماراتي للقصر الرئاسي في معاشيق، والذي تقيم فيه الحكومة منذ عودتها إلى عدن.

لن نذهب إلى ادعاء معرفة الأمور المخفية أو الخروج باكتشافات مذهلة وخيوط تتكشف وبعض الفهلوة التي يتقنها البعض، إذ أن الأمور هنا لا تحتاج إلى مجهود لإدراك ما وراءها، فالخيوط مكشوفة من أساسها، والأسلاك عارية منذ وقت مبكر، وما نحتاجه فقط هو ترتيب بعض الأفكار المعروضة أمام الجميع.

لم يكن ما حدث عفوياً ولا اعتباطيا بل كان مرتباً مع رئيس الوزراء معين عبدالملك، وهناك عدة قرائن تؤكد هذا المنحى، ولا تستدعي ادعاء الذكاء في التوصل إليها بقدرما تحتاج تفسيرها بعيداً عن الأحكام المسبقة.

رئيس الوزراء لا يمكن أن يبقى في مكانه لو كان يعلم أن التظاهرة غير مرتبة، فهو ليس بالشجاعة التي تمكنه من البقاء في مكانه وانتظار مصير مجهول، وبالفعل هو كان يعرف سلفاً أن المظاهرة لها خط سير معين، وسوف تغادر دون أن تلحق به أي ضرر، وهو ما حدث بالفعل.

الإجراءات الأمنية في قصر معاشيق كما هو معروف، هي إجراءات معقدة وليست من السهولة أن يمر متظاهرون هكذا وبكل سهولة، خاصة أن الحرس الأول الرئاسي الذي يدير الحالة الأمنية في القصر لا ينتمي للانتقالي، وبالتالي فإجراءات الدخول إلى معاشيق فيها صعوبة ويأخذ بعض الوقت حتى لوزراء الحكومة أنفسهم، بينما دخل متظاهرو الانتقالي بصورة سلسلة للغاية، والمؤكد أن الحرس الرئاسي لم ينكسر أمام المتظاهرين، وإنما تلقى توجيهات للسماح لهم بالدخول بهذه الصورة السهلة، وحتى أنها أسهل من دخول وزراء الحكومة أنفسهم، ولا يمكن أن يكون هناك تفسير غير هذا.

المظاهرة لم تكن عفوية كما قد يفهم البعض، أو يدعي آخرون، إذ لا يمكن تصديق هذه الدعاية، فالذين دخلوا من 250 إلى 300 شخص تم تدريبهم في كتيبة سلفاً، وحددوا لهم مهمة ومسار معين، دخلوا على أساسها إلى قصر معاشيق وقاموا بالمهمة على أكمل وجه.

وما يؤكد كل هذه الحقائق (وليست فرضيات) أنه عندما نزل إليهم الوزير الانتقالي عبدالناصر الوالي ومدير أمن عدن مطهر الشعيبي والتقوا بهم، أدوا أمامهم طابور التمام ثم تم صرفهم إلى مواقعهم وثكناتهم السابقة بالخارج بانتظار مهمة جديد، قد تكون قريبة أو تتأخر، حسب ما يملي عليهم الممول.

 إذا ما تم من مسرحية هزلية، كان اتفاقاً مسبقاً بين المجلس الانتقالي ورئيس الحكومة معين عبدالملك، ولا أدل على ذلك بأنه يتحدث دائماً إلى من حوله شاكياً من خذلان السعودية له، حيث لم يقدموا له الدعم الذي وعدوه به، وتركوه للفشل، وهو بذلك يسعى للضغط عليهم.

انتهت المسرحية، وذهب معين ليوعز لمن حوله أنه قد نجح في تحقيق الهدف وأن الرسالة قد وصلت.

هذا لا يعني أن معين لم ينسق مع الانتقالي إلا في هذه اللعبة المتقنة، بل هو تأكيد أن بين الطرفين تنسيق كامل، ولا يريد معين تنفيذ الشق الأمني والعسكري، وهو يقدم تسهيلات للانتقالي بشكل واضح، على حساب أولويات الشرعية والحكومة.

سيتساءل البعض، وماذا عن الأصوات التي تعالت في مظاهرة الانتقالي، ووجهت السباب والاساءات للسعودية، والحقيقة أن ذلك لم يكن ضمن الخطة وأن هذه الأصوات تحمست وخرجت عن السياق، ولا أدل على ذلك من تغير خطاب قيادات الانتقالي، الذين غردوا في اللحظات الأولى مؤيدين للمظاهرة ومحرضين ضد الحكومة، والتهديد بإعلان البيان رقم 1 وقلب الطاولة، ثم ما لبثوا أن عادوا ليتنصلوا من هذه الأصوات لأنها خرجت عن السياق المحدد.

غير أن ذلك لا يعني أن هذه الأصوات نشاز بالنسبة للانتقالي، ذلك أن هذه الأصوات التي انساقت بحماس للإساءة للسعودية قائدة التحالف العربي، إنما أخرجت بعضاً مما يتم تلقينها في السر ضد المملكة وقيادتها لصالح الدولة التي تدعمهم وتسير دفة الانتقالي، وبالتالي فإن التعبئة التي تتم في الغرف المغلقة الخاصة للانتقالي ضد الرياض خرج بشكل غير منضبط ووافق هوى طرف إقليمي، كان يود تأخير إخراج هذه الأصوات إلى الوقت المناسب.