الرئيس هادى: تسليم «الحديدة» اختبار حقيقي للإرادة الدولية ولن نفرط فى شبر واحد من اليمن (حوار )

مانشيت - صحف:
فى كل ما يجرى فى اليمن، وبرغم كل عواصفه وانقساماته، وبرغم وقوفه على حافة الخطر، ومفاوضات، يخرقها الحوثيون، وأمم متحدة مترددة، نجد نجاحات يحققها التحالف العربى، والرئاسة الشرعية.
 
لم يفقد الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى، رزانته وهدوءه وحكمته، فمن يقف فى عين العاصفة، يدرك مقدار التضحية، ويعرف كل الأخطار، يستعد لها ويتجهز، يؤمن بأن الغبار سينتهى إلى وطن عزيز، وأن قوى الشر المدفوعة بالمال، وحب النفوذ، يعرف أن عمرها قصير فى عمر الأوطان.
 
 الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى مثال للمسئول الذى اختارته الظروف لينجو ببلده، ويصل بأهله إلى بر الأمان، ويتجاوزا فوضى ما يسمى بـ «الربيع العربى».
 
يمتلك الرئيس عبد ربه منصور هادى، رؤية شاملة ودقيقة وبانورامية لما يجرى فى المنطقة، يدرك أن ما يجرى فى اليمن، سيجد صداه فى كل مكان، وأن المنطقة العربية تدخل مرحلة إعادة الصياغة، مرحلة الاعتماد على الذات، وحل الخلافات داخل البيت العربى، وإذا كانت ظروف اليمن قد انتخبت الرئيس عبد ربه منصور هادى، ووضعته فى صدارة المشهد، فإنه من جهته أهل لهذا الاختيار، وبقيادته وسط العواصف سيجد الحل لليمنيين، ليعيشوا فى وطنهم السعيد الموحد.

فى أول حوار للرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى لوسيلة إعلام مصرية، تحدث مع مجلة «الأهرام العربى» عن آخر المستجدات فى الساحة اليمنية، بعد مشاورات «استوكهولم»، ومستقبل الحل السياسى على أرض الواقع، فى ضوء الموقف الحالى بمدينة «الحديدة». وكشف الرئيس هادى عن التحولات التى شهدها اليمن على الصعيد الميدانى والعسكرى، والمناطق المحررة التى تصل إلى 85% من إجمالى مساحة البلد، وكيف استطاع الرئيس اليمنى إعادة بناء مؤسسات الدولة من الصفر، ودور التحالف العربى منذ اللحظة الأولى لانطلاق عاصفة الحزم.
 
كما تحدث الرئيس اليمنى للمرة الأولى عن أخطر الساعات التى قضاها تحت الإقامة الجبرية، وتفاصيل مراسلاتـه مع الأمير الــراحل سعـــود الفيصــل، وحقيقة الموقف بالنسبة للأسرى والمعتقلين.
وأكد الرئيس هادى على عمق العلاقة التى تربطه بالرئيس عبد الفتاح السيسى، والدور التاريخى المصرى لدعم الشعب اليمنى، وأشاد الرئيس اليمنى بدور المملكة العربية السعودية، وقرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تجاه الحفاظ على وحدة الأراضى اليمنية، واصفا المملكة بأنها صاحبة الأيادى البيضاء على مختلف البلدان.
 
كما وصف الرئيس هادى علاقته بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالعلاقة الممتازة جدا لدعمه للشرعية اليمنية، فى الــوقت نفســه، أكـــد الـــرئيس اليمنـى علـى موقفــه الرافض للتدخلات الإيرانية فى المنطقة العربية، ودعمها للجماعات والميليشيات الإرهابية، وأهمية التصدى لهذه التحركات بكل قوة.
 
كما كشف الرئيس هادى فى حواره عن آخر المستجدات فى ملف المساعدات الإنسانية والخطر الحوثى عليها، وغيرها من القضايا والملفات.. وإلى نص الحوار.
 
> نقترب من 4 سنوات على بدء عاصفة الحزم فى فجر 26 مارس 2015 وتحرير الكثير من الأراضى اليمنية، كيف ترى اليمن بعد الجهود الكبيرة التى بذلتها الشرعية خلال السنوات الأربع الماضية، والدعم المصرى للقضية اليمنية ؟
 
بداية أرحب برئيس تحرير مجلة «الأهرام العربى» وأشكره على هذا اللقاء، وأود التأكيد على أن مصر حاضرة دوماً فى ذاكرة ووجدان شعبنا اليمنى، والإعلام المصرى كان المرآة العاكسة للواقع العربى خلال عقود خاصة فى حقبة الستينيات، حيث كان صوت العرب هو الإعلام المقروء والمسموع، ونبض الشارع العربى من أقصاه إلى أقصاه.
 
وتربطنا علاقة أخوية حميمة بالرئيس عبد الفتاح السيسى لمواقفه الأخوية الصادقة تجاه اليمن، أرضا وإنسانا، تجسيدا للحمة الواحدة والمصير المشترك، ومصر كعادتها دوماً تقف مدافعاً صلبا ًعن قضايا الأمة العربية، وموقفها على الدوام هو مناصرة لقضاياها، ووجود مصر ضمن دول التحالف العربى، يؤكد على هذا الموقف الثابت لمصر العروبة، لمؤازرة ونصرة اليمن حتى تحقيق كامل أهداف التحالف العربى وعودة الشرعية، واستعادة الدولة وتحقيق أمن اليمن، واستقراره المنشود، ليسهم اليمن بدوره المأمول فى بنيان الكيان العربى الواحد.
 
مصر هى القلب العربى النابض، وهى بما تشكله من عمق حضارى وإرث تاريخى وحضور فاعل فى كل قضايا الأمة، يؤهلها للعب أدوار قيادية كبيرة لمصلحة الأمة وقضاياها. هذه الأمة اليوم لها جناحان قويان للتحليق بهما، يتمثلان فى المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وهذان الركنان المتينان هما مركز الاعتماد الذى تركن إليه كل الأمة فى حماية أمنها واستقرارها.
والأمة العربية الْيَوْمَ معنية بتوحيد جهودها وطاقاتها لمواجهة التحديات المتربصة بها، وللرفع من شأن الأمة فى ظل المخاطر المحدقة بمنطقتنا العربية، ومواجهة آفات التطرف والإرهاب التى أرهقت شعوبنا، ونالت من مقدراتها.
 
ونثمن فى هذا الصدد حنكة وحكمة أخى الرئيس عبد الفتاح السيسى، للعبور بمصر إلى آفاق رحبة من الأمن والاستقرار والبناء والسلام، وترجمة لنتائج ناجحة للسياسات الحكيمة والتوجهات الوطنية المخلصة التى انتهجت لمواجهة التحديات الشائكة والتعامل مع مجمل القضايا الاجتماعية والاقتصادية العاجلة والمُلِحّة، فضلاً عن تثبيت وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار فى مصر، على الرغم من الأوضاع والاضطرابات الخطيرة التى تمر بها منطقتنا العربية.
 
ومصر لها يد عليا من الدعم والإسناد لليمن وشعبه، ولم تكن عاصفة الحزم هى البداية ولا المواقف العظيمة للشعب المصرى والقيادة المصرية مع الشعب اليمنى فحسب، بل كل هذا يأتى مستنداً إلى تاريخ عريق من العلاقات التى تربط شعب مصر الطيب بشعبنا اليمنى الوفى، الذى لم ولن ينسى هذه المواقف الأخوية الرائعة.
 
> كيف ترى الواقع اليمنى والإنجازات التى حققتها الشرعية منذ بداية عاصفة الحزم فى فجر 26 مارس 2015؟
 
فيما يتصل بواقع اليمن الراهن، فقد شهد البلد جملة من التغيرات والتحولات على الصعيد الميدانى العسكرى، وكذلك فى إطار استعادة الدولة وتطبيع الحياة فى المحافظات والمناطق المحررة التى تتجاوز نسبتها اليوم 85٪ من إجمالى مساحة البلد.
 
وأعدنا بناء مؤسسات الدولة من الصفر، سواء فى الجوانب العسكرية والأمنية أم الإدارية بعد سقوط العاصمة، واجهنا ولا يزال كثيرًا من التحديات على المستويين الأمنى والاقتصادى، وحققنا نجاحات جيدة فى هذه الملفات، فالمناطق المحررة تحقق استقرارا معقولا على كل الأصعدة، ومن يعرف وضع هذه المحافظات قبل عامين يدرك الفارق الكبير الذى تحقق. إنه ليس أمرا هينا، أن تبنى دولة من الصفر، وأن تؤسس لكل الهياكل الإدارية والعسكرية والأمنية بعد انهيارها بصورة تامة.
 
أسسنا جيشا وطنيا كاملا، وأسسنا منظومة أمنية كاملة من اللاشيء، وأعدنا العمل فى جميع المؤسسات الحكومية، نواجه أزمات اقتصادية عاصفة، ونقوم بمعالجتها بصورة مستمرة، عبر آليات وقرارات وهيئات، وعملنا على تخفيفها بالتعاون مع أشقائنا فى التحالف. 
 
الأمور ليست كما نريد، لكن الأهم أن الأمور تسير بصورة معقولة نحو مستقبل أفضل. نقلنا البنك المركزى من يد الميليشيات وهو الآن يمارس عمله من العاصمة المؤقتة عدن، ويقوم بمهامه بصورة أفضل. واستقرت مسألة صرف الرواتب لكل موظفى الدولة فى كل المناطق التى التزمت بتوريد مواردها للبنك المركزى، وسنعمل على ضمان إيصال الرواتب لجميع موظفى الدولة، بعد أن نضمن الترتيبات الصحيحة لضبط مسألة الموارد، بشكل عام الأمور تمضى نحو الأمام، وهذا هو الأهم.
 
مساعى السلام فى استوكهولم
 
> ما رؤيتكم لاتفاق الحديدة الذى تم التوصل إليه فى مشاورات استوكهولم؟ 
 
نعمل دوماً من أجل السلام، ونستنفد كل الفرص المتاحة نحو السلام الذى ننشده، وقدمنا فى سبيل ذلك العديد من الجهود، استجابة لمسئوليتنا التاريخية أمام الشعب اليمنى، ومن أجل التخفيف من معاناته أولا، وثانيا استجابة لمساعى الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن وجهود المجتمع الدولى، وقبل كل ذلك دور الأشقاء فى دول التحالف العربى.
 
> هل نجاح مفاوضات استوكهولم يعنى أن الحل العسكرى انتهى وأن الفترة المقبلة فترة الحلول السياسية؟
 
لقد شاركنا فى كل جولات السلام وقدمنا الكثير من التنازلات، ذهبنا وأيادينا ممدودة للسلام فى السويد وقبله فى محطات عدة فى جنيف وبيل والكويت، لحقن الدماء وعودة الحياة والأمن والاستقرار لربوع الوطن، لتحقيق السلام المرتكز على المرجعيات الثلاث، المتمثلة فى المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطنى، والقرارات الأممية ذات الصلة، وفى مقدمتها القرار 2216، وذهب وفدنا الوطنى للمشاورات، حاملاً معه قضية وطن ومصير شعب، ومشروع بناء الدولة الاتحادية الجديدة، والمدعوم وطنياً وإقليمياً ودولياً، وبمرجعيات الحل السياسى الثلاث.
 
ورؤيتنا للوضع تتلخص فى أن بلادنا كانت تمضى فى طريق سياسى انتقالى بعد المبادرة الخليجية، التى تم التوافق عليها بعد الأحداث التى شهدها اليمن فى العام 2011، كانت البلاد كلها تمضى وفق هذه المبادرة التى اقترحت مساراً سياسيا واضحا، يبدأ بنقل السلطة، وينتهى بحوار وطنى يفضى إلى دستور وانتخابات
 
هذه العملية، تم قطعها عبر انقلاب شامل، تم بعد أن أنجزنا حواراً وطنياً مع كل أطراف العمل السياسى فى اليمن، وتم إعداد مسودة الدستور تمهيداً للاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات. هذا الانقلاب الذى أوقف الحياة السياسية وصادر الدولة ونهب السلاح والمال العام ومزق المجتمع، يجب أن يتوقف وينتهى، لتعود الحياة السياسية وتستقر الحياة. هذه هى رؤيتنا التى أقرتها القرارات الدولية، وأكدتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطنى، وهى مقتضى المسار السياسى الذى تم التوافق عليه فى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
 
> كيف ترى الأضرار التى ألحقتها الميليشيات الحوثية باليمن والشعب اليمنى؟
 
لا شك أن تداعيات الحرب الانقلابية للميليشيات الحوثية - الإيرانية، قد ألحقت أضراراً جسيمة باليمن وطناً ومجتمعاً، والتى طالت تداعياتها الأبرياء والعزل من الأطفال والنساء، الذين هجرتهم الميليشيات من مدنهم ومناطقهم وقتلت آباءهم فى حربها الإجرامية التى استباحت معظم محافظات الوطن لفرض تجربة دخيلة بقوة السلاح، وبدعم مادى وعسكرى من قبل إيران، ولتجاوز ذلك وللحد من تداعياته بعد تحرير معظم محافظات الوطن، نعمل جاهدين فى إطار مسئولياتنا تجاه شعبنا لإنهاء تلك المعاناة التى تسببت بها الميليشيات الانقلابية.
 
> كيف تعاملتم وتتعاملون مع هذه التحديات؟
 
نعمل بكل ما أوتينا من إمكانات وموارد لمواجهة التحديات المعيشية والخدماتية وتطبيع الأوضاع الأمنية، ومحاربة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله فى ظروف صعبة ومعقدة، والوضع الإنسانى فى اليمن يتطلب حتماً ضغط المجتمع الدولى على إيران، ابتداء بوقف تدخلاتها فى الشئون اليمنية، واحترام السيادة الوطنية، انتهاء بالتوقف عن تهريب الصواريخ للميليشيا، التى تستهدف بها الأشقاء فى السعودية، فى انتهاك سافر لقرار الحظر الدولي. 
 
 
> هل نجاح مفاوضات استوكهولم يعنى عودة الشرعية بالكامل لكل الأراضى اليمنية؟
 
أحكمنا السيطرة على الحديدة، وكان باستطاعتنا طرد الميليشيات فى عمق المدينة وتحرير الميناء، لكننا فضلنا إعطاء فرصة لتسلمها سلميا عبر آليات الأمم المتحدة، فى تنفيذ القرارات بطريقة سلمية، للمحافظة على المدينة والميناء والحفاظ على المدنيين، والبنى التحتية للدولة مسألة نضعها فى الحسبان، لقد حصلنا فى اتفاق استكهولم على نصوص واضحة مبنية على القانون الدولى واليمنى، وهى فى المحصلة تؤدى لعودة الحكومة الشرعية لبسط نفوذها على المدينة، نحن فى مرحلة اختبار حقيقى للإرادة الدولية فى تنفيذ قراراتها والتزاماتها بتسليم الحديدة، ولا شك أن المسألة اليوم متعلقة بمدى استجابة الانقلابيين للسلام وتطبيقهم للاتفاقات، وإذا ما فشلت هذه الجهود، فإننا لن نتخلى عن أى شبر فى اليمن قبل عودته لحضن الدولة.
 
> إلى أى مدى يؤمن اتفاق استوكهولم توصيل المساعدات الإنسانية لأبناء اليمن؟
 
للأسف عبثت الميليشيات الحوثية بالمساعدات القادمة للشعب اليمنى، عبر ميناء الحديدة ومسار المساعدات الإنسانية، من خلال مصادرتها وبيعها للفقراء وتسخير عائداتها لمجهودهم الحربى، وهذا ما يجب أن نضع حداً له، لضمان تدفق المساعدات لمستحقيها الحقيقيين، ووقف شحنات الأسلحة وقطع الصواريخ والألغام التى تزودهم بها إيران بأدواتها وأساليبها المختلفة لقتل الشعب اليمنى وتهديد الأشقاء فى الجوار. نحن نعطى فرصاً حقيقية للسلام ونتعامل بإيجابية كبيرة، ولكننا نعلم يقيناً أننا أصحاب الحق، ولن ندخر جهداً فى الحصول عليه.
 
> هل يمكن القول إن ما نتج عن مشاورات استوكهولم والقرار الأممى 2451 يؤسس لحل نهائى للأوضاع فى اليمن؟
 
عمليا الحل السياسى بدأ منذ المبادرة الخليجية، ونحن على الدوام دعاة سلام ووئام، نحمل هم شعب، ومشروع وطن، يتوق للعيش فى ظله وكنفه الجميع، بأمن، وأمان، واستقرار، وعدالة ومساواة دون انتقاص، أو إقصاء أو تهميش، لأحد، وهذا مشروعنا الوطنى المتمثل فى اليمن الاتحادى الجديد، الذى كان ثمرة مخاض حوار وطنى شامل، استوعب كل قضايا الوطن، وصاغ مخرجاته كل فئات المجتمع ونخبه المشاركة فى الحوار الوطنى، المتمثل فى القوى والمكونات السياسية، والمرأة، والشباب، ومنظمات المجتمع المدني، بما فيهم الحوثيون أنفسهم قبل ارتدادهم عليه.
 
وخرجنا من خلاله بمسودة دستور اليمن الاتحادى الجديد، التى ارتد عليها للأسف تحالف قوى الانقلاب الحوثية، ومن خلفهم الداعم والموجه إيران وأدواتها، وفرضوا الحرب فى اليمن، بهدف تنفيذ أجندتهم الدخيلة، ومن أجل ذلك استباحوا المدن وقتلوا وشردوا العزل الأبرياء من الأطفال والنساء، واستخدموا كل ترسانتهم العسكرية فى تحقيق ذلك الهدف، بما فيها سلاح الطيران لقصف مقر الرئيس الشرعى فى عدن، فى سابقة خطيرة ودموية لعصابات، استخدمت كل ما تقدر عليه لتدمير البلاد. وعلى الرغم من كل ذلك تعاملنا بمسئولية وإيجابية مع كل دعوات ومساعى السلام، انطلاقا من مسئولياتنا تجاه أبناء شعبنا اليمنى.
 
 
> كيف تنظرون للجهود الكبيرة التى بذلها التحالف العربى من أجل عودة الشرعية؟
 
بالنسبة للتحالف العربى، فمنذ الوهلة الأولى لانطلاق عاصفة الحزم، كان الموقف والصوت العربى واحدا، وبإجماع ليس له نظير فى دعم اليمن وشرعيته الدستورية ضد الفعل الانقلابى الغاشم، وتأييد ومباركة جهود دول التحالف العربى لاستعادة الشرعية فى اليمن عبر عاصفة الحزم، وهذا ما أكدته القمة العربية الـ 26 فى شرم الشيخ، التى عقدت بعد يومين من انطلاق عاصفة الحزم ودعمها المطلق وتأييدها لها، وكذلك فإن التأييد مستمر لدعم اليمن وشرعيته الدستورية فى مختلف التجمعات والمحافل العربية والإقليمية والدولية.
 
كما أن جهود دول التحالف شاخصة وشاهدة للعيان، ولا يمكن لأحد إنكارها، وهى على الدوام محط تقدير وامتنان واحترام كل أبناء اليمن، التواقين للحرية والعدالة والانعتاق من براثن الطائفية، ومن يمولها ويواليها، وهذه المواقف الأخوية الصادقة تجسد روح الأخوة والأصالة والهدف الواحد والمصير المشترك، وستظل على الدوام محل فخر واعتزاز شعبنا اليمنى، وأجياله المتعاقبة تجاه أشقائنا.
 
المملكة ومركز الملك سلمان
 
> ما رؤيتكم لما تقوم به المملكة العربية السعودية ومركز الملك سلمان للإغاثة فى سبيل التخفيف من تداعيات الأزمة اليمنية على المواطن اليمنى؟
 
للمملكة أياد بيضاء، ليس على اليمن فحسب، بل فى مختلف البلدان والأقطار التى بحاجة للإغاثة والعون والمساعدة، أما فيما يتصل بجهود مركز الملك سلمان وإسهاماته الإغاثية فى اليمن، فإنها تمثل حجر الزاوية فى كل المساعدات الإنسانية التى تقدم لليمن، ولا تقارن مطلقاً مع أية مساعدات وعون، يقدم من جهات دولية ومنظمات مانحة، فمركز الملك سلمان قدم، ويقدم للشعب اليمنى الغذاء والدواء والإيواء ومعالجة الجرحى، وتسيير رحلات جوية لنقل الجرحى والمنقطعين إلى اليمن من دول شتى منذ بداية الحرب والأزمة، ولم يقتصر ذلك على المحافظات المحررة فحسب، بل شمل مناطق اليمن دون استثناء عبر المنظمات التى يقدم لها الدعم بصورة كبيرة هذا المركز، والتى استحوذ وللأسف الانقلابيون على معظم تلك المساعدات فى المناطق الخاضعة لهم، والمتاجرة بها فى تحد صارخ للإنسانية.
 
> البعض يحاول أو يشكك فى المرجعيات الثلاث، فخامة الرئيس.. إلى أى مدى تعتقدون أن المرجعيات الثلاث ما زالت صالحة وأساسا قويًا لحل شامل للأزمة اليمنية؟
 
عندما جلسنا جميعا للحوار وبدأ الحوار السياسى وأوقفنا إطلاق النار فى صنعاء، ووقتها كان الجيش والأمن والمجتمع فى حالة انقسام حاد والمواجهات فى شوارع صنعاء، وعملنا على إيقاف المعارك وجاءت المبادرة الخليجية ووضعت إطارا واضحا للعملية الانتقالية، وبعد ذلك ذهبنا فى تنفيذ المبادرة الخليجية، ورأينا بأنها بوابة عبور، فكان مع مبعوث الأمم المتحدة السابق جمال بن عمر فريق خبراء من مجلس الأمن، وجلسنا معهم لبحث كيف يمكن أن ننهى كل المشاكل فى اليمن، ونفتح صفحة جديدة، ووضعنا الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وانطلقنا بعزيمة وإصرار فى تنفيذ بنودها، باعتبارها خارطة طريق آمنة، وذهبنا بعدها إلى مؤتمر الحوار الوطنى، وناقشنا بسقوف مفتوحة كل مشاكل اليمن، فكانت القضية الجنوبية ومشكلة صعدة غير موجودة فى المبادرة الخليجية، فوضعناها فى الآلية التنفيذية، واستمرت العملية ستة أشهر لوضع الآليات التنظيمية، وتمكنا من تجاوز كل الخلافات الصعبة التى كانت تظهر بصورة مستمرة أمامنا، وبعد ستة أشهر أعلنا الحوار الوطني، بحضور 565 مندوبا من كل فئات وقوى المجتمع تنظيمات وأحزاب وشباب وامرأة ومنظمات مجتمع مدنى للمشاركة، والذى استمر أكثر من سنة، حتى خرجنا بوثيقة مخرجات الحوار الوطنى. ومسودة دستور اليمن الاتحادى الجديد، الذى جرى الإعداد له عبر فريق متخصص من واقع نصوص مخرجات الحوار الوطنى الشامل.
 
عاصفة الحزم وقصة الخروج من صنعاء وعدن
 
> ماذا تقول للقارئ العربى عن الساعات الصعبة لفخامتكم فى الإقامة الجبرية، وكيف نجحتم فى الخروج إلى عدن ومنها للخارج؟
 
لم يكن يتوقع الانقلابيون على الإطلاق عاصفة الحزم، أو تدخلًا عربيًا ودوليًا لصالح الشرعية، حتى عندما خرجت من الإقامة الجبرية، واتجهت لعدن قاموا بضرب القصر الجمهورى بالطائرات.
ووقتها كنت أتراسل مع الأمير الراحل سعود الفيصل، وجاء سفراء دول مجلس التعاون الخليجى إلى عدن، وهناك أعلنت عن وصول ستة سفراء إلى عدن ليتضح الموقف الخليجى وقتها، لكن لم يكن يتوقع الانقلابيون موقفاً واضحاً من قبل الأشقاء بهذه القوة والوضوح.
 
ولو لم يكن التدخل العسكرى لاستولى الحوثى على اليمن، وبعد أيام معدودة سنجد الطائرات الإيرانية فى الجو، وفى كل المطارات اليمنية، ولكن كانت "عاصفة الحزم" هى مفاجأة للميليشيات الحوثية وإيران.
 
> هل تشرحون لنا كيف تم الطلب من جانبكم للأشقاء فى المملكة والدول العربية بالتدخل واستعادة الشرعية؟
 
نعم لقد طلبت التدخل من الأشقاء فى المملكة العربية السعودية، بعد أن وصل الحوثى لعدن، كنت قد وقعت حينها أمام أمرين، إما أن أطلب تدخلا أو أن أسلم اليمن لإيران، ولم يكن أمامى أى خيار آخر، لأن تسليم اليمن لإيران لا يعنى نهاية اليمن، بل يعنى وضع المنطقة بكاملها فى دائرة الخطر.
 
كما أننى رجل عسكرى، وأفهم الأهداف الإستراتيجية والبعيدة لإيران، ولو تأخرت ثلاثة أيام كان الحوثى سيصل إلى المهرة وحضر موت، لأنه استولى على جميع الأسلحة والمعدات والجيش أصبح معهم وبأيديهم. 
 
ومثل قرار عاصفة الحزم أفضل قرار عربى فى تاريخ أمتنا وهويتنا العربية، وكان قراراً شجاعاً اتخذه الملك سلمان، وهو قرار إستراتيجى لا ينقذ اليمن فقط، بل يوحد المنطقة ككل فى وجه التطاولات الإيرانية، فلو كان هناك أى تأخر فى اليمن لكانت المنطقة ككل ستدفع الثمن، كما أن هذا القرار سرع فى الكشف عن المخطط الفارسى، وكشف أوراق إيران أمام جميع دول العالم.
 
العلاقة والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية
 
> كيف تنظرون لسياسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حيال اليمن؟
 
علاقتنا الراهنة مع الإدارة الأمريكية الحالية فى عهد دونالد ترامب ممتازة جداً لدعمها للشرعية ولتوافقها، لرفض أن يكون للحوثى أى نفوذ ومطالب، وتصنيفه كجماعة إرهابية، ورفض كذلك أى توسع لإيران فى الشرق الأوسط، وتعاوننا وثيق فى ملف مكافحة الإرهاب.
 
نحن نثمن هذه المواقف الأمريكية الصلبة فى مواجهة التدخلات الإيرانية التى تهدد استقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين. 
 
> هناك تقارير دولية ويمنية كثيرة عن الوضع الإنسانى، والشرعية تبذل قصارى جهدها فى هذا الملف، ما آخر جهودكم فيما يتعلق بهذا الجانب خاصة بتنفيذ الاتفاق الخاص بتبادل الأسرى والمعتقلين الذى جاء فى مشاورات استوكهولم؟
 
ملف الأسرى والمعتقلين يأخذ على الدوام جل اهتمامنا، باعتباره ملفا إنسانيا يعانى من تبعاته وتداعياته أسر وأطفال، كلهم يمنيون، ولهذا تحدثنا وبصريح العبارة مع المبعوث الأممى السابق والحالى عن أهمية وضرورة إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين من الطرفين، وبدون تحفظ، الكل مقابل الكل، وقد وافق وفدنا خلال مشاورات السويد وقبلها على طى هذا الملف بصورة كاملة.
 
ومع فارق أن وضع الأسرى من الانقلابيين الموجودين مع السلطات الشرعية يحظون بالرعاية والاهتمام، بل وتم فتح مدارس خاصة لتعليم الأطفال والقصر منهم الذين يزجّ بهم الانقلابيون إلى الجبهات كوقود حرب لمعركتهم العبثية تجاه الشعب اليمنى، وتم فى هذا الإطار تأهيل العديد منهم، وإطلاق سراحهم من طرف واحد وعودتهم لأسرهم.
 
وقدمنا تنازلات وتجاوزنا المحاذير القانونية بمبادلة أسير بمعتقل، حرصاً على الجوانب الإنسانية وسعيا لإنقاذ آلاف المعتقلين من وطأة التعذيب والأسر والاعتقال غير القانونى، والملف الآن فى مرحلة التنفيذ، ونحن فى انتظار النتائج التى نتطلع لأن تكون إيجابية.