المانشيت المحلي

الاتجاهات الاقتصادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

عبد العزيز السويلم، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة لدى EY الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

يتوقع عبد العزيز السويلم، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة لدى EY الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حدوث الكثير من التغيرات في اقتصادات المنطقة، ويؤكد أن «التنبؤ بالمستقبل مع الوتيرة الحالية للتغيير هو أمر مستحيل، لكن ما يمكنني قوله هو أن المستقبل لن يبدو كما نراه اليوم».

كيف كان أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018، وماهي توقعاتكم لما تبقى من العام؟

توقّعنا حدوث تغييرات كثيرة العام الماضي، وهو ما حدث. فالخطط الحكومية باتت أكثر طموحًا من أي وقت مضى، والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة تغيّر مشهد مجتمع الأعمال والاستثمار. بالإضافة إلى بروز الظروف الجيوسياسية كعامل مؤثر في كيفية إدارة الأعمال في المنطقة. 

ومؤخرا ساعد الارتفاع المطرد في أسعار النفط مدعومَا بقرار منظمة «أوبك» الأخير بزيادة الإنتاج، والنمو القوي بين الشركاء التجاريين الرئيسيين للمنطقة، بمن فيهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في تعزيز الثقة بالمنطقة، لا سيما البلدان المنتجة للنفط. لا تزال أجندات التنويع الاقتصادي من أولويات دول مجلس التعاون بهدف زيادة إيراداتها غير النفطية، خصوصا مع تطبيق المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ضريبة القيمة المضافة بنجاح، بينما تتطلع باقي دول المجلس للسير على خطاها خلال السنوات القليلة المقبلة. 

وبالنظر إلى أسواق رأس المال، لا يزال هناك إقبال شديد على صفقات الاندماج والاستحواذ. بحسب تقرير مؤشر ثقة رأس المال الصادر مؤخراً من EY، الذي يقيس ثقة مجالس الإدارة بأسواق رأس المال، هناك اهتمام كبير بمصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على وجه التحديد. وفيما يبدو النشاط المرتقب للصفقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صحيًا للغاية، فإن الشركات تترقب بحذر إذ يقودها ارتفاع التضخم وتقييم الصفقات إلى الاحتفاظ برأس المال بدلًا من توزيعه على المدى القصير.  

تحظى السوق السعودية بالكثير من الاهتمام كونها تمر بتحولات كبيرة. ما هو تأثير ذلك على المنطقة ككل؟

من المعروف أن الأهداف الطموحة التي وضعتها حكومة المملكة في إطار رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني، تستهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في نمو وازدهار البلاد، إلى ربط المملكة بالشبكة الاقتصادية العالمية، وتوسيع القطاع الخاص للمساعدة في تنويع الاقتصاد بعيداً عن القطاع النفطي. ان هذا الأمر الذي جعل رواد أعمال سعوديون يتطلعون إلى أسواق خارجية، وبناء تحالفات دولية والاستثمار في مواهب متنوعة وتقنيات جديدة لتلبية هدف الوصول إلى مستويات نمو مرتفعة. وفي الوقت ذاته، اعترف المجتمع الدولي بالتدابير والإجراءات وأشاد بما تشهده المملكة العربية السعودية اليوم من مستوى غير مسبوق من التغييرات الإصلاحية عبر أوساطها التجارية والسياسية والاجتماعية.

وسواء كان من خلال تمكين المرأة عبر إعطائها المزيد من الفرص في الحياة الاقتصادية والسماح لها بالقيادة، أو من خلال إطلاق مشاريع ضخمة في جميع أنحاء البلاد. ونتيجة لذلك كان القرار الذي اتخذته مؤسسة MSCI بترقية تصنيف المملكة العربية السعودية إلى وضع الأسواق الناشئة في يونيو خطوة بالغة الأهمية، حيث اعترفت المؤسسة بجهود المملكة لتحديث سوق الأوراق المالية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

إننا نرى أن العجلة تدور باتجاه مرحلة تحول كامل ستزيد بلا شك الاهتمام بالمملكة في جميع أنحاء العالم. ونحن جميعا متحمسون الى ما سيتم تحقيقه تجاه مستقبل المملكة العربية السعودية، فالشركات ما زالت متفائلة، حيث أدت التغييرات الإصلاحية إلى زيادة ثقة مجتمع الأعمال بالمؤشرات الاقتصادية في المملكة. ووفقا لأحدث مؤشرات النمو 2018 من EY، فإن نحو ثلث شركات السوق المتوسطة (33%) تتوقع نموًا بأكثر من 10% للعام الحالي. وهذا يفوق بكثير توقعات نمو إجمالي الناتج المحلي لصندوق النقد الدولي لعام 2018 والتي تبلغ 1.7%. 

ما هي الاتجاهات التي ترونها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

إن تقارب التقنيات والصناعات يعمل على تغيير العالم الذي نعرفه. وهناك إمكانية ضخمة أمام الشركات لتحويل نفسها من خلال التعاون مع شركات من قطاعات أخرى. ويمكننا القول أن التكنولوجيا والعولمة والتوزع السكاني هي الاتجاهات الرئيسية الثلاثة التي تساهم في تحويل الشركات في المنطقة. بحلول عام 2030، من المتوقع أن تستحوذ المدن الكبرى في العالم والبالغ عددها 750 مدينة، على 61% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

وسوف تكون المدن الذكية معززة تقنياً ومتصلة ومرنة تجاه التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. على التخطيط الحضري التعامل مع التطورات الجديدة في مجال الرعاية الصحية والتعليم والتنقل، واستغلال الأموال العامة بشكل أفضل من خلال تبني نماذج أكثر كفاءة. مثالاً على ذلك ما قامت به مدينة لوس أنجلوس به بتوفير 8 ملايين دولار أمريكي من خلال تحويل مصابيح الشوارع إلى مصابيح LED مع أجهزة استشعار متنقلة. ونحن نعتقد بأن التقارب بين القطاعات يمكن أن يساعد في حل قضايا اجتماعية رئيسية مثل تغير المناخ، والتحضر، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. ولتحقيق ذلك، فإننا بحاجة إلى إقامة تحالفات تتجاوز حدود الأعمال التقليدية.  تقوم الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمراجعة تأثير التكنولوجيا، وتتطلع إلى خلق تضافر مع الصناعات التي تحقق لها قيمة مضافة. إننا نرى صناعات رئيسية مثل التأمين والرعاية الصحية والتعليم ستستمر في التطور والنمو، حيث أنها تشهد تخصيص أعلى نسبة من رؤوس الأموال. فيما ستواصل الشركات العائلية الإقليمية تطلعها إلى تحسين محفظة أعمالها للمحافظة على تنافسيتها.

أما على صعيد العولمة وبالرغم من انها ليست اتجاهاً جديداً، إلا أن العالم أصبح اليوم أكثر ارتباطاً مما كان عليه في أي وقت مضى. وهذا يعني أن نماذج الأعمال الحالية أصبحت عرضة للتحدي من من قبل منافسين جدد. ولم يعد من الآمن بعد الآن أن تكون قادرًا على المنافسة ضمن منطقتك فقط، بل يجب أن تكون قادرًا على ذلك على نطاق عالمي. وتطغى العوامل الديموغرافية مثل ازدياد فئة الشباب في بعض الأسواق، إلى جانب شيخوخة السكان على أنظمة الرعاية الصحية وأنظمة المعاشات التقاعدية. إن مجتمع الاعمال بحاجة إلى دراسة كيفية تأثير هذه التحولات على نموها بشكل أعمق. وفي الوقت ذاته نرى عوامل ايجابية يوجدها النمو السريع في التعداد السكاني حيث أن قطاع العملاء المستهدفين أصبح الآن جمهوراً شاباً يتمتع بذكاء أكبر وبوعي تقني مما يعزز الطلب على منتجات وخدمات ذات جودة أعلى.

لا تزال أساسيات السوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قوية، مما يوفر فرصًا لازدهار الشركات.

ومن العوامل الرئيسية التي تسهم في هذا النمو المطرد موقف الحكومات الإقليمية الذي يغلب عليه طابع الأعمال، وديناميكية القطاع الخاص، والنمو السريع في مشهد ريادة الأعمال والشركات الناشئة. وهذه العوامل الإيجابية، مدعومة بإقبال جيد من المستهلكين على التكنولوجيات الجديدة والابتكار والذي يحقق ما يعرف باسم الكتلة الحرجة لإحداث موجة واسعة النطاق من التبني، والقرب من المراكز السكانية الكبيرة وأكثر الطرق التجارية ازدحامًا في العالم، تعزز قوة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من أي وقت مضى. 

تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنجاح في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هذا العام. كيف أثرت هذه الضريبة على المملكة والإمارات، وما هي نصيحتكم للبلدان التي لا تزال في مرحلة التخطيط لهذه الضريبة؟

لقد شكل هذا العام لحظة تحول بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، بعدما تم طرح ضريبة القيمة المضافة فيها. ولم يكن ذلك مجرد تغيير صغير، حيث واجهت الشركات في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مجموعة من التحديات التحويلية لتحديث سجلاتها وسياساتها المحاسبية وإجراءاتها وعقودها ونظم إعداد الفواتير واعتماد منصات تقنية جديدة.

إلا ان السلطات الضريبية في كلا البلدين قد قامت بجهوداً جبّارة في تطوير أنظمتها لاستيعاب ضريبة القيمة المضافة، كما أطلقت حملات توعوية وساعدت الشركات من جميع الأحجام على الاستعداد لهذه الضريبة مع الحرص على تخفيف أي تأثيرات قد تتعرض لها أنشطتها التجارية. ومع ذلك، فإن فرص تنفيذ ضريبة القيمة المضافة تتجاوز بكثير التحولات الحالية وتحدياتها. وفي غضون سنوات قليلة من الآن، ستصل دول مجلس التعاون الخليجي إلى مستويات أفضل في تطبيق معايير الأعمال العالمية الموجودة في معظم دول العالم المتقدم. ونعتقد بأن هذه الإجراءات سترفع سوية المعايير الخاصة بعمليات الإدارة الداخلية وأنظمة الإدارة التي تتطلبها الشركات في المنطقة. وتتماشى قوانين ضريبة القيمة المضافة المطبقة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هذا العام مع المعايير العالمية، وهي ذات معدلات تنافسية على المستوى الدولي. ونرى اتخاذ دول مجلس التعاون الخليجي خطوات لتحفيز اقتصاداتها وتنويع مصادر إيراداتها، بدعم من هيئات مثل صندوق النقد الدولي. فيما يوفر تطبيق ضريبة القيمة المضافة تطورًا هامًا في هذا المجال. كما يتوافق تنويع الإيرادات مع الأهداف الوطنية لدول المجلس لتوسيع اقتصاداتها بعيداً عن قطاعي النفط والغاز.  الجميع يتحدث عن التقنيات الرقمية.

ما هي التقنيات التي ستؤثر على الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

الآن، وعلى الصعيد العالمي، نحن ندخل عصر التعزيز البشري. وللمرة الأولى في تاريخنا، ستتمكن التقنيات من التصرف نيابة عنا بشكل مستقل، وسيكون لذلك تبعات بعيدة المدى تؤثر في كل جانب من جوانب حياتنا. وبالنظر إلى من سيستفيد من هذه التقنيات، سنجد أن الأمر سيتجاوز الشركات، حيث أصبحت الحكومات الإقليمية القوة المحركة الرئيسية وراء دمج التقنية في النظم البيئية التنظيمية والبنية التحتية التي تؤثر على كل شخص ضمن نطاق سلطتها. وستقوم تقنيات التعزيز البشري كالذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والواقع الافتراضي والواقع المعزز والبلوك تشين والمركبات ذاتية القيادة، بإعادة صياغة مستقبل العمل، وطبيعة مشاركة المستهلك. ونحن نتوقع رؤية المزيد من التكنولوجيا التي يتم استخدامها لجعل الشركات تعمل بشكل أكثر كفاءة. ففي استطلاع رأي أجرته EY لكبار المسؤولين التنفيذيين، قال 53% منهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن الذكاء الاصطناعي وأتمتة العمليات الروبوتية هي أبرز التقنيات على جداول أعمال مجالس إداراتهم. وفي القطاعات المعنية بالمستهلك بشكل مباشر في المنطقة، فقد أشارت جميع الشركات في الاستطلاع إلى أن الأتمتة الذكية هي محور تركيزها التقني. ومع ذلك، لا بد من التمييز بين الأفكار والتنفيذ.

ولا يزال اعتماد هذه التقنيات وتنفيذها في البدايات الأولى. وإلى جانب عدد قليل من الهيئات الحكومية، وعدد من البنوك الإقليمية ومتاجر تجزئة استثنائية، فإن معظم الشركات لا تزال في المراحل الأولى من التفكير والتخطيط. إلا أن هناك فرصة كبيرة على مدى السنوات القليلة المقبلة أمام مؤسسات القطاعين العام والخاص لتسريع التنمية، ولتصبح في طليعة التحول الرقمي. 

كيف ترى مستقبل المنطقة؟

إن التنبؤ بالمستقبل مع الوتيرة الحالية للتغيير هو أمر مستحيل، لكن ما يمكنني قوله هو أن المستقبل لن يبدو كما نراه اليوم.

والسؤال الذي ينبغي على الشركات أن تطرحه على نفسها باستمرار هو: هل نحن مستعدون للمستقبل؟

وسيكون الجواب بالنفي بالنسبة للكثيرين. إن المستقبل غير مؤكد، وهذا يعني أن الشركات ستواجه تحديات، ولكن ستأتي هذه التحديات مع فرص للتغيير والنمو في اتجاه مختلف. ولا يحتاج صانعو القرار إلى مجرد وضع خطة بديلة، بل مجموعة من خطط الطوارئ. وطالما أنهم مستعدون للمناورة، فإن الفرصة موجودة. أما القطاعات التي نرى فيها إمكانات النمو الأكبر في المنطقة هي: الخدمات المالية، الطاقة، القطاع الحكومي والعام، الضيافة والإنشاءات، والرعاية الصحية. وسيتغلل تأثير التكنولوجيا عبر جميع هذه القطاعات.

وعلى صعيد شركتنا، فإننا نرى أن أعمالنا التجارية تتحول بسبب التكنولوجيا، وخدمات التدقيق المعززة باستخدام الأتمتة وتحليلات البيانات، والاستشارات من خلال تسجيل الاشتراك. وقد اضطررنا إلى التكيف لنتلاءم مع احتياجات عملائنا، ونستمر في استكشاف حلول جديدة من خلال التكنولوجيا. وفي الواقع نحن جميعًا بحاجة إلى التكيف، بل إننا بحاجة إلى التكيف بشكل أسرع مما نعتقد.

وزير الصحة يعقد لقاء مع فريق البنك الدولي لمناقشة سد الفجوة التمويلية بالقطاع الصحي


النائب العليمي يرحب بلقاء قيادتي المجلس الانتقالي والمكتب السياسي للمقاومة


عدن ... منتدى شباب الصفوة يدشن مهرجان الزواج الجماعي السادس لـ 54 عريس وعروس


النائب العليمي: للإصلاح دور وطني واسع في رفض الانقلاب وحماية المجتمع والثوابت الوطنية