تقارير

نبيل المشوشي.. من عسكرة بئر أحمد إلى التستر على قتلة الشيخ مهدي العقربي

مانشيت - أحمد العزيبي:

منذ أكثر من عام، تحوّلت منطقة بئر أحمد في العاصمة عدن إلى ثكنة عسكرية مغلقة يسيطر عليها أفراد يتبعون اللواء الثالث دعم وإسناد بقيادة نبيل المشوشي، بعد أن كانت منطقة آمنة تعجّ بالحياة المدنية.

كانت البداية الدامية في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك من العام الماضي، الموافق 27 يونيو 2024، حين دوّى الرصاص في أرجاء بئر أحمد، بعدما أقدمت عصابة مسلحة من عناصر اللواء الثالث دعم وإسناد على اقتحام منازل أبناء قبيلة العقارب، والاعتداء على النساء والأطفال، وإطلاق النار بشكل عشوائي على الأهالي، وقيام تلك العصابة بتوجيه اسلحتها على أحد أبناء العقارب وقتله  وإصابة آخرين.

وقتها، كان الشيخ مهدي النقيلي العقربي، شيخ مشايخ قبيلة العقارب، في السجن بتوجيهات من نفس القيادات التي غطت على تلك الجرائم ، ومنذ ذلك اليوم، بدأت بئر أحمد تفقد ملامحها المدنية، إذ فرضت عناصر المشوشي واقعًا عسكريًا قاسيًا قائمًا على البلطجة والبسط على أراضي المواطنين وابتزاز التجار والملاك، وسط صمت رسمي مريب.

كل من حاول الاعتراض كان مصيره التهديد أو الاعتقال، غير أن الشيخ مهدي العقربي، وبعد خروجه من السجن، واصل مواجهة العبث بشجاعة نادرة، رافضًا السكوت على ما يتعرض له أبناء قبيلته من إذلال وانتهاكات.

حينها، سارع نبيل المشوشي في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي  إلى زيارة الشيخ مهدي برفقة عدد من الوجهاء والقيادات العسكرية لغرض التحكيم القبلي والاعتذار عن جريمة اقتحام المنازل، بعيدًا عن القانون.

ورغم أن الشيخ مهدي قبل التحكيم القبلي حقنًا للدماء، إلا أن العصابة الإجرامية داخل اللواء الثالث دعم وإسناد، وبتوجيهات من زعيمها نبيل المشوشي، أرسلت مجموعة مسلحة بقيادة الضابط عبدالله المشوشي، قائد حراسته الشخصية، لتنفيذ عملية اغتيال غادرة ضد الشيخ مهدي العقربي، أثناء توجهه لأداء صلاة الجمعة في مسجد بئر أحمد.

وفي الجمعة 26 سبتمبر الماضي، اغتيل الشيخ مهدي العقربي أمام بيت الله، في جريمة هزّت الضمير الإنساني، وأرسلت رسالة واضحة: من يعارض نفوذ العصابة مصيره الموت.

ظنّ المشوشي أن جريمته ستمرّ دون كشف، بعد أن سبقتها مصالحة شكلية، لكن الجهات الأمنية والاستخباراتية، وبعد جهود مضنية، توصلت إلى المتهمين وكشفت خيوط الجريمة بالكامل، لتظهر الحقيقة بأن من نفذها ليس سوى خلية مسلحة من لواء نبيل المشوشي نفسه، وأن القاتل هو الضابط عبدالله المشوشي يتبع اللواء وقريب لقائده.

التحقيقات الأمنية أثبتت أن الجريمة نُفذت بأوامر من داخل اللواء الثالث دعم وإسناد، وأن نبيل المشوشي تولى بنفسه تهريب القاتل عبدالله المشوشي عقب تنفيذ الجريمة مباشرة، بالتنسيق مع قائد الأحزمة الأمنية محسن الوالي، في عملية مدبرة لإفلات القاتل من العدالة.

ورغم صدور أوامر قبض قهرية من نيابة البحث الجنائي وتعميم رسمي من وزارة الداخلية لضبط المتهم، إلا أن نبيل المشوشي رفض تسليمه، متجاهلًا القانون والعدالة، ومصرًّا على حماية قاتلٍ تلطخت يداه بدم الشيخ مهدي العقربي الذي وقف سدًّا منيعًا أمام الفساد والبسط على أراضي المواطنين.

ولم يقتصر التواطؤ عند هذا الحد، بل عاد المشوشي والوالي إلى عدن بعد أيام من الإمارات دون تسليم  القاتل الى الجهات الامنية المختصة  ما اعتبره المراقبون دليلًا دامغًا على أن رحلتهما كانت لغرض تهريب والتستر على  القاتل بعد تأمين خروجه من عدن بعيدًا عن المساءلة.

ورغم فداحة الجريمة، التزمت القيادات العليا الصمت، وعلى رأسها العميد عبدالرحمن أبو زرعة المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي والمشرف العام على الملف الأمني، الذي لم يُصدر أي توجيهات بشأن تسليم القاتل أو محاسبة المتسترين عليه، في موقف أثار استغراب الرأي العام.

وفي المقابل، أعلنت أسرة الشهيد الشيخ مهدي العقربي تأجيل تشييع جثمانه حتى يتم تسليم المتهم الرئيسي وزعيم الخلية المنفذة للجريمة، الضابط عبدالله المشوشي، مؤكدة أن العدالة لن تتحقق ما دام القتلة يختبئون خلف المناصب العسكرية والنفوذ، وأن دم الشيخ لن يضيع مهما طال الزمن.

اليوم، يقف أبناء بئر أحمد وقبيلة العقارب، ومعهم أبناء عدن كافة، في مواجهة عسكرة الحياة المدنية التي زرعها اللواء الثالث دعم وإسناد، مطالبين بخروج اللواء من المنطقة، وإعادة الحياة المدنية إليها، ومحاسبة كل من حوّل بئر أحمد إلى منطقة أشباح تحكمها عصابة مسلحة تتستر باسم الدولة.

إن جريمة اغتيال الشيخ مهدي العقربي ليست حادثة عابرة، بل جريمة سياسية وإنسانية مكتملة الأركان، تُظهر كيف يمكن للقوة والنفوذ أن يحميا القتلة، وتكشف هشاشة مؤسسات الدولة أمام مراكز الفساد العسكري.

فإذا كان القاتل ضابطًا رسميًا، ويحتمي بقائده ويُهرب تحت رعايته، فأي عدالة يمكن أن نتحدث عنها؟ إن نبيل المشوشي يتحمّل المسؤولية الكاملة أمام الله والقانون والمجتمع عن كل قطرة دم سالت في بئر أحمد، وعن كل بيت اقتُحم وكل امرأة أُهينت وكل أرض نُهبت، وعن اغتيال الشيخ مهدي العقربي الذي لم يكن يحمل سوى كلمته وكرامته في وجه الظلم.

وستظل بئر أحمد — رغم الألم — شاهدة على أن من يملك السلاح قد يقتل، لكنه لا يستطيع قتل الحقيقة، وأن دماء الشيخ مهدي العقربي ستبقى لعنة تطارد القتلة ومن تستر عليهم حتى يُقدَّموا جميعًا إلى العدالة.

كيف حوّل شكري نعمان أمن الحوبان إلى شركة جباية داخل مصنع “كميكو”؟


النائب العليمي في ذكرى الاستقلال يجدد التأكيد على أهمية توحيد الصف الوطني خلف "الرئاسي" لمواجهة التحديات


النائب العليمي: مؤتمر الطاقة خطوة هامة نحو إصلاح جذري لقطاع الكهرباء


الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف للباحثة فاطمة الصماحي في الإدارة المالية من الأكاديمية العربية للعلوم الإدارية والمالية والمصرفية