مانشيتنا
مخيم طبي مجاني في الضالع.. طب للكاميرا وعلف للناس!!
صورة ارشيفية
ما جرى اليوم في منطقة جلاس بالضالع تحت عنوان "المخيم الطبي" لم يكن سوى فضيحة مكتملة الأركان، وصفعة جديدة في وجه المواطن البسيط، ووصمة عار لا تُمحى من جبين مكتب الصحة، ومدير المستشفى، والمحافظ، وإدارة أمن المنشآت.
المشهد كان مأساويًا حد السخرية: مئات المرضى، معظمهم نساء وأطفال وكبار سن، احتشدوا منذ الليلة السابقة، بعضهم بات على الأرض، وبعضهم حضر قبل أذان الفجر بأمل واهٍ في مقابلة الأطباء جائعا منهك يفترش الارض.
ولكن ماذا وجدوا؟ لا تنظيم، لا تأمين، لا احترام للإنسان، ولا حتى ذرة تقدير لمعاناة المرضى. تخيّلوا: بضعة جنود فقط أوكلت لهم مهمة "تنظيم" هذا الطوفان البشري! وطقم اخر ولكن مرافقين للاطباء انتهت مهمتهم بوصولهم للمشفى ،وهكذا بلا خطة، بلا برنامج، بلا أي إحساس بالمسؤولية .
أحد المرضى الساخطين أطلق نكتة لخصت الواقع كله: "الأطباء ما جاؤوا أساسًا للناس، إنما جاؤوا في فسحة للتنزه ، ولما أُحرج مسؤولو الصحة رتّبوا على عجل هذه المهزلة الطبية". وكأن أرواح الناس مجرد بطاقة دعوة لإخفاء فضائح الإدارات الفاشلة.
لكن الفضيحة الكبرى كانت حين تحوّل المخيم "الطبي" إلى مخيم "زراعي"؛ نساء جئن من مناطق بعيدة يئسن من مقابلة أي طبيب أو الحصول على علاج، فاضطررن لتعويض أجرة الطريق والمخاسير بجز الأعشاب وقطع الأشجار في ساحة المستشفى وحملها كعلف للأبقار والماشية على متن الدراجات والسيارات! أي مهزلة أكبر من هذه؟!
ويكفي أن نسمع شهادة أحد العابرين: "الضالع، في تاريخها كله، لم تنجح ولو لمرة واحدة في تنظيم مخيم طبي مفيد أو فعّال". عبارة تلخص الواقع وتفضح العجز المستدام.
والمثير للسخرية أن المخيم المعلن عنه كـ "مجاني"، حين سُئل أحد المرضى الخارجين منه: "ماذا أعطوك؟"، أجاب بحنق: "ثلاثة أدوية…
ليتني اشتريتها من السوق ووفرت على نفسي عناء الشجار والطوابير والجوع، بل وقيل لي في النهاية: انزل تعالج بعدن!".
أما بعض الحالات فقد وجدناها لاحقًا في المستشفيات الخاصة تعمل أشعة أو فحوصات بعدما غادرت خائبة ساخطة من مسرحية "المخيم الطبي بل ان البعض واغلبهن من النساء تفاقمت حالتهن الصحية نتاجاً للفوضى الحاصلة والوقوف الطويل في طوابير المهزلة التي دامت نهارا كاملا وبدل ان يرجعن بالعلاج ، رجعن بالمرارة والالم ".
المسؤولية هنا واضحة وضوح الشمس: المحافظ ومدير مكتب الصحة ومدير المستشفى وكل من اتى ببدلته الرسمية لالتقاط الصور والانتفاخ امام عدستها شركاء في هذه الفضيحة .
وعليهم أن يتحملوا وزر ما جرى، فقد نالتهم لعنات الناس المنهكين منذ الصباح حتى المساء، ولم يخلُ مجلس إلا وكان سبّهم ولعنهم عنوانه.
أما المشهد المضحك المبكي حقًا، فكان تواجد الكادر الإعلامي، الذي بدلاً من أن يخجل من توثيق هذه المهانة، صعد على سطح المبنى ووجّه كاميرته إلى هذا الواقع المزري.
فما كان من أحد المواطنين إلا أن صاح في وجهه: "قدها عجين ومهزلة، وعادك تصور؟!"
ختاماً
إلى السادة المسؤولين في هذه المحافظة: لا تسألوا لماذا فشل المخيم، بل اسألوا أنفسكم: كيف لمخيم طبي يُقام ليوم واحد فقط أن ينجح أصلًا بلا تخطيط ولا تنظيم ولا دراسة مسبقة؟! .
شكرًا لكم – نيابة عن هذه المحافظة البائسة – على هذه الخيبة، وعلى إحاطتها بكوادر الفشل ومسؤوليه الذين لا يعرفون سوى العبث بمعاناة الناس .