المانشيت السياسي
حراك دبلوماسي أممي وأميركي للدفع نحو وقف شامل لإطلاق النار في اليمن
تجدد الحراك الدبلوماسي الأممي والأميركي في اليمن، من أجل الدفع بالمفاوضات بين أطراف الحرب هناك نحو وقف شامل لإطلاق النار، وتسوية سياسية بين الأطراف اليمنية، بناءً على مسار المحادثات الثنائية بين السعودية والحوثيين خلال الأشهر الماضية.
لكن هذه التحركات ترافقت مع اتهام مليشيات الحوثيين، الولايات وبريطانيا بعرقلة التفاهمات مع السعودية ووضع عراقيل أمام محاولات إحلال السلام. جاء ذلك خلال لقاء ما يسمى بـ رئيس المجلس السياسي للحوثيين (مجلس حكم الجماعة) مهدي المشاط، بالمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، في العاصمة صنعاء.
وقال المدعو المشاط بحسب ما نقلت عنه وكالة سبأ بنسختها الحوثية، إن "الوقائع قد أثبتت أن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا هما من تضعان العراقيل أمام كل محاولات إحلال السلام في اليمن"، ولفت إلى أنه "كلما حدث أي تقارب بين اليمن (الحوثيين) والسعودية والوصول إلى تفاهمات، تسارع أميركا إلى إرسال مبعوثها المشؤوم إلى المنطقة وتفشل كل الجهود"، على حد تعبيره.
وقال مخاطباً المبعوث الأممي: "ننقل من خلالكم للمجتمع الدولي، بما في ذلك الدول الأوروبية، تحذيرنا من سعي أميركا وبريطانيا للدفع باتجاه التصعيد، ونؤكد أن العالم كله سيتضرر إذا عاد التصعيد في اليمن". وهدد بالقول: "نحن جاهزون للسلام بمثل جاهزيتنا للحرب".
وأعلنت الخارجية الأميركية، يوم امس، توجه مبعوثها إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى منطقة الخليج، للدفع بالجهود الرامية إلى تأمين التوصل لاتفاق جديد في اليمن، وإطلاق عملية سلام شاملة"، وأوردت في بيان أن ليندركنغ "سيزور خلال جولته كلاً من سلطنة عمان والسعودية، على أن تشمل اجتماعاته لقاء مسؤولين سعوديين ويمنيين وعمانيين، وأيضاً شركاء دوليين".
وأشارت الخارجية إلى "أن واشنطن تعمل بشكل وثيق مع الأمم المتحدة والسعودية وعمان وغيرها من الشركاء، للبناء على الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، والتي وفرت أطول فترة هدوء في اليمن منذ بدء الحرب قبل سنوات".
وفي منتصف إبريل/ نيسان الفائت، شهدت المفاوضات الثنائية بين الحوثيين والسعودية، تطوراً لافتاً بزيارة الوفد السعودي إلى صنعاء مع وفد عماني لنقاش وقف إطلاق النار وتسوية سياسية بين الأطراف اليمنية، واستمرت ستة أيام، انتهت بتصريحات منفصلة من قبل الطرفين عن أنها كانت "إيجابية" وسيتم استئنافها في وقت لاحق.
وأعلن الحوثيون، عقب الزيارة، أن اللقاءات ستتم بعد عيد الفطر، في الوقت الذي لم تحدد الخارجية السعودية، في بيانها، موعد اللقاءات القادمة، لكنها أكدت أنها ستتم في "أقرب وقت". ومنذ ذلك الحين ما زال ملف التفاوض متوقفاً بين الطرفين، على أمل أن تستأنف لمناقشة ملف الحرب المعقدة في البلاد المستمرة منذ ثماني سنوات.
وفي 26 إبريل/ نيسان الماضي، التقى وفد الحوثيين التفاوضي وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان في مسقط، وقال رئيس الوفد محمد عبد السلام، في تغريدة في "تويتر"، "ناقشنا خلال اللقاء آخر المستجدات على الصعيد الوطني والإقليمي وجهود سلطنة عمان لإنجاح مساعي السلام في اليمن".
في المقابل، التقى رئيس مجلس الرئاسة، رشاد العليمي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في العاصمة المصرية القاهرة، وبحثا مستجدات الوضع اليمني، وجهود السعودية من أجل تجديد الهدنة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وإطلاق عملية سياسية شاملة استناداً إلى مبادرة المملكة للسلام المعلنة عام 2021، والمرجعيات المتفق عليها، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" الحكومية. بدورها ذكرت الرئاسة المصرية، في بيان، أن "الرئيس المصري أكد موقف بلاده إزاء تشجيع كافة الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي شامل ومستدام بما يحافظ على وحدة البلاد وتماسك مؤسساتها الشرعية".
وخلال إبريل/ نيسان الماضي، تم تنفيذ اتفاق الإفراج عن ثاني أكبر صفقة لتبادل الأسرى والمخطوفين بين أطراف الحرب في اليمن، وبموجب ذلك "تم الإفراج عن 973 محتجزاً سابقاً لأسباب مرتبطة بالنزاع في اليمن"، وفق ما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ومن المفترض أن تستأنف المفاوضات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين في منتصف مايو/ أيار الحالي، من أجل استكمال المحادثات بشأن الإفراج عن جميع الأسرى والمخطوفين من الطرفين، بناء على الاتفاق الذي أعلن في 20 مارس/ آذار الماضي بعد جولة عقدت في سويسرا برعاية أممية.
ومنذ أكثر من عام، تستمر حالة الهدنة في اليمن التي أعلنت في 2 إبريل/ نيسان 2022، رغم عدم اعلان أي اتفاق رسمي لتمديدها منذ أكتوبر/ تشرين الأول، وتوقف الهجمات الجوية بشكل كلي بين السعودية والحوثيين، في الوقت التي تشهد فيه الجبهات اليمنية اشتباكات متقطعة ما بين الحين والآخر، لكن دون أن تصل إلى مستوى تصعيد عسكري كبير.
وتدخل الحرب في اليمن عامها التاسع على التوالي، في ظل آمال في الأوساط السياسية أن يساعد التقارب السعودي الإيراني على إنهاء الأزمة التي أودت بحياة عشرات الآلاف، وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج ثلثا سكان اليمن (21 مليون نسمة) إلى مساعدات إنسانية، وفق تقديرات أممية.