ثورة أكتوبر واليمن الإتحادي واحدية الوطن والشعب والثورة والدولة
بالأمس أحتفل اليمن بشرعيته وشعبه بثورته الجمهورية 26 سبتمبر واليوم يحتفل بثورته الوحدوية 14 أكتوبر, مع علامة فارقة أن الإحتفالين تما واليمن بشرعيته وشعبه, يقاتل في شمال الوطن دفاعا عن جمهوريته, وفي جنوب الوطن دفاعا عن وحدته واتحاده, فتحالف الإمامة والإنفصال أرادا استعادة ماضيهما البغيض بإمامته واستعماره فتناغما كعادتهما ودورهما للعمل لصالح مشاريع غير وطنية تهدف تمزيق الوطن والشعب ونهب خيراته وها هي جدلية اليمن بقيادته وشعبه تجدد الدور الملحمي البطولي دفاعا عن اليمن واستقلاله أمام المشاريع الأجنبية وأدواتها الوطنية.
حتمية الثورة على الإمامة والإستعمار.
سيطرت الإمامة على شمال الوطن وحولته إلى ملكية خاصة بها وسيطر الإستعمار البريطاني على جنوبه وحوله قاعدة تحمي مصالحه ووجوده في المنطقة وبحارها, وتحول اليمنيون في عهدهما من سادة الحضارة والسيادة والتجارة إلى تابعين وعبيد فاقدين لإنسانيتهم وكرامتهم, ولم تقم الإمامة ولا الإستعمار بشيئ يذكر لخدمة اليمن الشعب والوطن والإنسان التنمية والحضارة وعاشت اليمن خارج التاريخ وتطوره, فقرر الشعب اليمني أن يثور ضد الإمامة والإستعمار ليعيد لليمن مجده ولشعبه وموقعه حضارته ودوره.
حراك وطني واحد لمهمة واحدة "ثورة وتحرير".
1- الجذوة والجذور:
تجذرت المشاعر الوطنية الواحدة لطلائع الثوار في الشمال والجنوب وتنادوا فيما بينهم حين وجدوا أن شعبهم يعيش حياة بدائية وتخلف, بعيدة عن التقدم والنماء ويعيش خارج الزمن, تلاقى أبناء اليمن من شمال الوطن وجنوبه الدارسين في الخارج لتدارس أوضاع وطنهم وقضاياه والعمل على حلها, وأسسوا إطاراً جامعا أسموه "الكتيبة اليمنية الأولى" وكان منهم محمد علي الجفري ورشيد علي الحريري ومحمد محمود الزبيري وأحمد محمد نعمان وغيرهم من جنوب الوطن وشماله, تدفعهم مشاعر واحدة لمهمة واحدة هي الخلاص من الإمامة والإستعمار, واستعادة وحدة الأرض والشعب, وتحركوا ضمن الحراك الفكري والثوري في المنطقة العربية حينها مع مراعاة خصوصية كل من الشمال والجنوب ففي الشمال بدأت الحركة الوطنية بما عرف حينها "هيئة الإمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ثم "الجمعية اليمنية الكبرى" ثم "حركة الأحرار" وحركة 48 و55 وتوجت بثورة 26 سبتمبر 1962م بدعم من مصر العربية, التي قضت على الإمامة في الشمال, بينما في الجنوب تأسست "رابطة أبناء الجنوب العربي" عام 1948م وتم الإعلان عنها في 29 إبريل 1951م,وكان مفهوم مصطلح الجنوب العربي عند الرابطة والحركة الوطنية يشمل اليمن الطبيعية الشمال والجنوب بمكوناته وحدوده التي أعلنتها وثائق الرابطة والحركة الوطنية وأكد عليها السيد محمد علي الجفري بمحاضرته في اتحاد طلبة الكويت بتاريخ 28 ديسمبر 1956م بقوله ( في واقع الأمر بل وفي مصطلح الحركة الوطنية في الجنوب, يطلق "الجنوب العربي" على اليمن الطبيعية بكافة أجزائها ونواحيها فحدود "الجنوب العربي" إذن هي المملكة العربية السعودية شمالا, وبحر العرب جنوبا, والخليج العربي شرقا, والبحر الأحمر غرباً, وبذلك تشمل كلمة "الجنوب العربي" المملكة اليمنية المتوكلية, عدن وما يسمى بمحمياتها الشرقية والغربية وعمان). كتاب محطات رئيسية في حزب الرابطة من إعداد محسن محمد أبو بكر بن فريد.
كما كان من مؤسسي حزب الرابطة يمنيون في عدن من شمال اليمن هم علي محمد مقطري ومحمد علي الأسودي وعلي الأحمدي ومحمد احمد شعلان, مما يؤكد أحادية الحركة الوطنية لوطن واحد وشعب واحد في مصطلح الجنوب العربي وبأن ما يطرح اليوم حول "الجنوب العربي" هو تزييف للتاريخ ونضال الحركة الوطنية, وتوالى نضال الحركة الوطنية في جنوب الوطن بمختلف فصائلها وأحزابها ومسمياتها وعلى رأسها الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل, وشارك فيه العديد من أبناء الشمال ومن ضمن هذه الأسماء مهيوب الشرعبي المعروف ب"عبود" , وقادة فرق التنظيم الشعبي عبد الرحمن الصريمي قائد فرقة صلاح الدين ومحمد عبدالله الصغير قائد فرقة المجد, من ضمن 8 فرق, وتم قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م بدعم كامل من ثورة 26 سبتمبر والجمهورية العربية اليمنية التي كانت الحاضنة والممولة للثوار وبدعم من مصر العربية وتم إعلان الأستقلال في 30 نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.
2- سبتمبر وأكتوبر ثورتان في ثورة.
هناك العديد من المواقف والأحداث والأشخاص وهي لا تحصى, تحكي جدلية الشعب اليمني وثورتيه سبتمبر وأكتوبر ضد الإمامة والإستعمار, وكلها تؤكد أن سبتمبر هي أكتوبر وأكتوبرهي سبتمبر وأن الوطن واحد والشعب واحد, وهذه الجدلية حقيقة وطنية لا يمكن إنكارها أو دحضها, وأن الشعب اليمني بكل فئاته في شمال الوطن وجنوبه هو الحاضن والداعم لثوار الجنوب المقاومين للإستعمار وثوار الشمال المقاومين للإمامة, فحين نكلت بريطانيا بقيادة الرابطة في الخمسينات كانت تعز مأوى لهم وحين نكل الإمام بثوار 48 كانت عدن مأوى لهم, وحين تم الإعلان عن ثورة سبتمبر انطلقت جحافل الوطنيين من أبناء اليمن الشماليين والجنوبيين من عدن صوب صنعاء للإلتحاق بالجيش والحرس الوطني دفاعا عن ثورة 26 سبتمبر وتولى التاجران محمد علي الأسودي وعبدالغني مطهر تمويل سفرهم, واختلطت دماء اليمنيين من الجنوبيين والشماليين دفاعا عن ثورة سبتمبر المجيدة في كل الجبهات, ونقيل يسلح وفك الحصار عن صنعاء شاهد على ذلك, وحين انطلقت ثورة 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان خاض غمارها الثوار اليمنيين الجنوبيين والشماليين فكانت تعز والبيضاء وقعطبة قواعد التدريب والإنطلاق, وامتزجت الدماء اليمنية في ربوع الجنوب دفاعا عن ثورة 14 أكتوبر المجيد’, والشهيد مهيوب علي غالب الشرعبي(عبود) وإبعاد بريطانيا 245 مواطناً من شمال اليمن, في أحداث 65 حين أصدرت بريطانيا قانون الطوارئ في 19 يونيو 1965 وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية, وفي 24 فبراير 1963م عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر “القوى الوطنية اليمنية” حضره أكثر من 1000 شخصية سياسية واجتماعية وقبلية ومستقلة، إلى جانب الضباط الأحرار وقادة الفدائيين وتم دمج المكونات في كيان واحد باسم “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل” أخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية “الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل” وإعلان الثورة المسلحة لطرد المستعمر, وحدث أن عادت “جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل” للعمل بعد خلاف وقادت الجبهتان نضال التحرر من الإستعمار.
3- 14 أكتوبر ثورة اليمن الوحدوية.
تميزت ثورة أكتوبر بأنها ثورة وحدوية بالتأسيس والتكوين والقيادة والحركة والمحتوى, على مستوى وحدة جنوب الوطن, ووحدة شمال الوطن بجنوبه, فمن حيث التأسيس والتكوين كانت الحركة الوطنية في عدن بكل أطيافها ومسمياتها تضم طيفا واسعاً من المؤسسين من كل اليمن شماله وجنوبه وكذلك جبهتي التحرير والقومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وبالتالي كانت ثورته 14 أكتوبر هي الترجمة اليمنية الحية لوحدة الشعب اليمني الواحد والمصير الواحد, حيث استلمت هذه الثورة الرائدة جنوب الوطن وهو ممزق بين هويات متعددة تصل لحوالي 23 هوية لكل منها علمها الخاص وجوازها الخاص وجيشها الخاص وحدودها الخاصة يجمعها مسمى هلامي " اتحاد الجنوب العربي" يرأسه المندوب السامي البريطاني هدفه إسقاط الجانب القانوني والأخلاقي عن بريطانيا نحو مستعمرة عدن, وتم جمع 18 سلطنة وأمارة ومشيخة فيه من ما كان يعرف بالمحمية الغربية لمستعمرة عدن هي (مستعمرة عدن, سلطنة العبدلي, سلطنة العوذلي, سلطنة الفضلي, سلطنة الحواشب, سلطنة يافع السفلى, سلطنة يافع العليا, سلطنة العوالق العليا, سلطنة العوالق السفلى, سلطنة الصبيحي, إمارة بيحان, إمارة الضالع, مشيخة العوالق العليا,, مشيخة القطيبي, مشيخة العقربي, مشيخة دثينة, مشيخة العلوي, مشيخة المفلحي, مشيخة الشعيب) ولم يكن ضمن هذا الكيان البريطاني ما كان يعرف بالمحمية الشرقية والي يحتوي على ما يعرف اليوم حضرموت والمهرة ( السلطنة القعيطية, السلطنة الكثيرية ومعهما ولاية الواحدي) لذلك استلمت ثورة أكتوبر وطنا ممزقا مكون من حوال 23 سلطنة وإمارة ومشيخية فتم توحيد هذه الكيانات تحت مسمى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية يوم الإستقلال المجيد في 30 نوفمبر 1967م ودمجت الجنوب كله في 6 محافظات. فكانت بحق ثورة الوحدة والتوحيد في السبعينيات من هذا القرن, وشارك في هذا النضال كل أبناء الوطن وهدفهم الأسمى التحرر والوحدة, وكانت الوحدة جزء من تكوينهم وعقيدتهم, فكانت الفرق القتالية للفدائيين تتسمى بالوحدة, كفرقة الوحدة بقيادة المناضل علي بن علي هادي, في التنظيم الشعبي للقوى الثورية الوحدوية الجناح الفدائي والعسكري لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل.
4- من التحرر إلى الوحدة.
تحرر شمال اليمن بثورة سبتمبر من الإمامة وجنوبه بثورة أكتوبر من الإستعمار ومنذ قيام الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وبعدها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والشطرين يسعيان لتحقيق هدف الشعب والثورتين بالوحدة وبناء دولة الثورة ووطن الثورة, وذلك عبر سلسلة من الحوارات واللقاءات والمؤتمرات من بيان طرابلس 1972م إلى إعلان الوحدة في 22 مايو 1990م, وخاض جنوب اليمن حربين ضد شماله من أجل تحقيق الوحدة وبناء الدولة الواحدة, وكاد ينتصر في إحداها لولا الإتحاد السوفيتي منعه من ذلك حسب روايات القادة حينها , وخسرت اليمن زعيمين من اجل الوحدة وبناء الدولة الرئيس ابراهيم الحمدي والرئيس سالم ربيع علي, وكانت عملية التوحيد تتويج للثورتين 26سبتمبر و14 أكتوبر ونضالهما وتحقيق لإرادة الشعبين, وشابت دولة الوحدة إخفاقات لم تعالجها بسبب بقايا ثقافة الفيد الإمامية والمناطقية, غير أن هذه الإخفاقات تم معالجتها بمشروع وطن الثورة ودولة الثورة الذي حمل رايته فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وقدمه عبر مؤتمر الحوار الوطني ليكون مشروع الخلاص ومشروع وطن الثورة ودولة الثورة.
اليمن الإتحادي وطن الثورة ودولتها وواحدية الثورة والدولة.
حاولت قوى تحالف الفيد في الشمال والجنوب إفراغ الثورة اليمنية بجناحيها سبتمبر وأكتوبر وسرقة محاولات بناء مشروعهما ودولتهما الواحدة, غير أن شباب اليمن كان بالمرصاد لتلك المحاولات, فبدأ الحراك السلمي في جنوب الوطن, والتململ الوطني في شماله, وتحول إلى ثورة شبابية عارمة, أسقطت الهيمنة والإختطاف, والتقت سنن التغيير في التاريخ بتوفر قيادة تاريخية هي الرئيس عبدربه منصور هادي وإرادة شعبية, ليستعيد اليمن ثورتيه سبتمبر وأكتوبر, وليبني دولتهما في وطن الثورة والجمهورية والإتحاد, وطن يعيش فيه كل أبنائه تحت مواطنة واحدة لا تحكمها العصبيات أياً كانت مذهبية أو طائفية أو قبلية أو مناطقية أو حزبية, كلنا فيها مواطنون يمنيون دولة من أقاليم ستة, يتقاسم ابنائها فيها السلطة والثروة, وليستا حكرا لأي فيئة من أبناء الوطن دون غيرهم, وتم تقديم مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة كمخرج للحوار الوطني وهو مشروع الرئيس هادي الذي تبناه ودافع وقاتل في سبيل تحقيقه, وواجه وما يزال قوى التآمر الداخلية والخارجية التي تعمل على منع تحقيقه.
هذا المشروع الذي يعالج الصراع اليمني وجذوره وينقل اليمنيين لأول مرة في تاريخهم من العيش في الماضي وصراعاته إلى العيش والتعايش في الحاضر والتوجه معا لبناء مستقبل الوطن الواحد والواعد.
جدلية التسمية وتزييف التاريخ للنيل من ثورة أكتوبر الوحدوية.
أراد أدوات الإستعمار والإمامة الجدد طمس ثورة أكتوبر ودورها وموقفها ومفهومها لليمن ووحدته واتحاده, فحاولوا طمس ثورة أكتوبر وإلغاء دورها في جنوب الوطن وشماله وفترتها التاريخية التي تمتد لأكثر من خمسة عقود فقدموا للأجيال المعاصرة مصطلحين يكتنفهما التزييف التاريخي والتزوير هما مصطلح "دولة الجنوب العربي البريطانية" التي لا تمتد لسنوات تتجاوز أصابع اليد الواحدة ومصطلح "اليمننة" أكبر كذبة وتزييف في التاريخ, ويجب فضح الزيف والتزوير للمصطلحين لتتضح الصورة والرؤية للأجيال المعاصرة ليدركوا عظمة ثورة أكتوبر المجيدة ودورها وريادتها.
1- أكذوبة هوية الجنوب العربي :
سبق في صدر المقال أن أوضحنا مفهوم ودلالات " الجنوب العربي" كمصطلح سياسي عند رابطة أبناء الجنوب العربي, وهم أول من نادى به وبأنه يعني اليمن كله شماله وجنوبه, وهو تسمية مضادة للتسمية الإستعمارية لمسمى "مستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية", أما مصطلح مسمى دولة فنحن أمام تسميتين استعماريتين تهدفان خدمة المصالح البريطانية الأولى "إتحاد إمارات الجنوب العربي" والذي تكون في فبراير 1959وانتهى في يناير 1963 أي لمدة 4 سنوات, وتكون في البداية من 6 سلطنات وإمارات ومشيخات, وظلت تضاف له أخرى حتى ضم مكونات المحمية الغربية, ما بين عامي 1962م و1963م ضمت اليه مستعمرة عدن بالقوة ضد إرادة أبناء عدن, ولم تنظم له المحمية الغربية التي تعرف اليوم بحضرموت والمهرة وسوقطرة, وتمت تسميته اتحاد الجنوب العربي واستمر من يناير 1963م حتى نوفمبر 1967م وإعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أي استمر لمدة أقل من 5 سنوات, فهو على مستوى الدولة المزعومة في تكوينه الأول والثاني لم يشمل كل جنوب الوطن, وعلى المستوى الزمني لم يتعدى الفطام, وعلى المستوى القانوني فليس هناك أبلغ من ما قاله رجل القانون والزعيم السياسي الرابطي المعروف شيخان الحبشي في كلمته أمام لجنة تصفية الإستعمار في الأمم المتحدة عام 1963م والتي أقتبس منها نصوصا تبين وتوضح الوضع القانوني للجنوب العربي (إن قضية الجنوب العربي واضحة وبسيطة وسهلة الفهم اذا تحاشينا التعقيدات الكامنة خلفها إنها قضية شعب مستعمر, اْعني شعب الجنوب العربي يعيش في ظل الحكم البريطاني وتحت سيطرته, ليس له تمثيل لدى أي تنظيم أو هيئة عالمية, ولا يتمتع بعضوية المجتمعات الحرة, هذه هي قضية الجنوب العربي, اْنه قطر مستعبد وعلى الأمم المتحدة أن تجعله قطرا حرا, إن عالم اليوم لم ير من قبل قطرا صغيرا قليل السكان, متأخرا إلى حد كبير, يراْسه هذا العدد الغفير من الحكام, ومقسما إلى هذا العدد من الولايات لكل منها علمها الخاص وضرائبها الجمركية كالجنوب العربي) ويضيف في وصفه المنطقة (قسمت منذ عهد طويل إلى سلطنات وإمارات متعددة كل واحدة تتبع شيخا, ثم جاءت قوات المملكة المتحدة في عام 1838م إلى عدن واْحتلتها بالقوة الحربية واْختطفتها من سلطنة لحج, ومنذ ذلك العام استطاعت سلطات المملكة المتحدة في عدن, أن تخضع جميع شيوخ المنطقة وتربطهم بالسلطات البريطانية في عدن ولندن, وهكذا تدرج الشيوخ حتى اْصبحوا رؤساء ولاياتهم أمام مواطنيهم, أما بالنسبة للمملكة المتحدة, فليسوا سوى عبيد لاحول لهم ولا قوة, لا يملكون حق التصرف بدافع من رغباتهم وأهدافهم, ويتحتم عليهم طاعة وتنفيذ أوامر ونصائح سلطات المملكة المتحدة في عدن) وأضاف قائلا ( وقد اْرتبطوا بما يسمى معاهدات الحماية ومعاهدات الاْستشارة, اْنهم بمقتضى معاهدات الاْستشارة محرمون من إقامة علاقات, أو الاتصال أو التفاوض مع أي جهة في الداخل والخارج, الا بعد موافقة الحكومة البريطانية بعدن, ولا يستطيع أي منهم التفاوض مع شيخ أخر ولو كان جارا له دون موافقة الحكومة البريطانية في عدن). ويختتم قوله حول اتحاد الجنوب العربي وبأنه ليس دوله بقوله (يخيل لي أن مندوب المملكة المتحدة في هذه اللجنة يقول إن الاْتحاد الفيدرالي يخدم مصلحة الشعب, واْنه دولة وليس من حق المملكة المتحدة أن تتدخل في شئون دولة أخرى, واْنا بدوري أؤكد أن الاتحاد الفيدرالي لا يتمتع بمقومات السيادة والحرية, وليس له أي حول, فقد حرم من إقامة أي علاقات داخلية أو خارجية بدون موافقة المملكة المتحدة, اْنه اتحاد مزيف ودولة مزعومة, هذا بالإضافة إلى أن كل ولاية في هذا الاتحاد, لاتزال خاضعة لمعاهدات الحماية والاْستشارة القديمة, ويجب أن اْنبه اللجنة باْن كل ولاية من ولايات الاْتحاد مرتبطة بثلاث معاهدات, معاهدة الحماية, ومعاهدة الاْستشارة المسئولة بصفة مستقلة, والمعاهدة الاْستشارية الجماعية المفروضة على حكومة الاْتحاد بأسره, بمقتضى معاهدة الاْستشارة لا يحق لأي سلطان أو لحكومة الاْتحاد اتخاذ أي خطوة أو ممارسة أي علاقة داخلية أو خارجية بدون موافقة حكومة المملكة المتحدة وهذا يعني أن حكومة الاْتحاد الفدرالي لا تتمتع باْي قدر من السيادة أو الحرية أو السلطة).
فكيف تشكلت هذه الهوية بهذه الفترة الزمنية القصيرة وهذه الحالة القانونية التي وصفها السيد شيخان الحبشي في كلمته.
2- أكذوبة اليمننة.
الأمر الأخر الذي حاول من خلاله دعاة الإمامة والإنفصال ضرب ثورة أكتوبر ووحدة الوطن والشعب بجانب "أكذوبة الجنوب العربي" هو "أكذوبة اليمننة", وما يحاولون طرحه بأنهم الجنوب العربي ولا علاقة لهم باليمن وأنهم ليسوا يمنيين, وأن اليمننة السياسية هي التي فرضت عليهم من قبل 4 أشخاص كانوا متحكمين بالجنوب, وهذه دعوة ساذجة لا تنطلي سوى على من ليس له عقل يفكر, فمن حيث أكذوبتهم (الجنوب العربي) سبق إيضاحه, وأنا أضيف بأن أتحداهم أن يذكروا لي مرجعا تاريخيا أو دينيا أو قبليا يفصلهم عن اليمنية وكونهم يمنيون, بل أضيف لهم بأن مصطلح الجنوب وجنوب الجزيرة العربية فلكياً وجغرافياً وجهة هو اليمن, فلقد تسمى النجم سهيل منذ القدم "بسهيل اليماني" وهو يدل كل مسافر وتائه على الجنوب, وتسمى ركن الكعبة منذ إنشائها بالركن اليماني وهو يدل على الجنوب, وتسمى باب اليمن منذ بناء صنعاء بباب اليمن وهو يدل على الجنوب, وكانت جهة الشمال والجنوب في الماضي تسمى شامات ويمنات ومن هنا تسمى القات الشامي لأنه يأتي من الشمال, وتسمت منا طق باليمن بهذه التسمية كلواء الشام "حجة" وزريقة الشام وزريقة اليمن, والقبائل اليمنية متداخلة وموجودة بمسمياتها في الشمال والجنوب, اذا فاليمننة أكذوبة لا اصل لها ولا فصل, فاليمن هو الجنوب والجنوب هو اليمن, وهويتنا واحدة تجمعنا عقيدة واحدة ودين واحد وجذور قبلية واحدة, وأرض واحدة ووطن واحد.
الإمامة والإنفصال تناغم قديم جديد.
التاريخ يسجل في صفحاته عبر تعاقب دوراته التاريخية بأن الأدوات الخارجية سواء مشاريع أو كيانات لا تبني الأوطان, بل هي من عوامل تدمير الأوطان وتقديمها لمشاريع الهيمنة الخارجية على حساب أوطانها وشعوبها, وهذا هو دور الإمامة مع بريطانيا وأدواتهما وتآمرهما ضد تطلعات أبناء الشعب اليمني في الجنوب والشمال وأسوق مثالين لتأكيد التنسيق والتناغم في الماضي :
1- في عام 1959م انطلقت انتفاضة شعبية ضد بريطانيا في الصعيد وكور العوالق بقيادة آل أبو بكر بن فريد تم ضربها بقسوة من الطيران البريطاني بعد أن تم التنسيق بين الإمامة -عبر عاملها في البيضاء القاضي محمد عبدالله الشامي- وبريطانيا وأدواتها الجنوبية بمنع الدعم لقادة الإنتفاضة.
2- الإمام كان يرفض أي نشاط معارض لبريطانيا ينطلق من الشمال ففي عام 1960م وصلت أسلحة من مصر لميناء الحديدة دعما للمقاومين في الجنوب لكن الإمام رفض تسليمها.
ومن الماضي إلى الحاضر فلقد تناغم المشروعان الإمامي والإنفصالي لتدمير مشروع الدولة الإتحادية وضرب ثورتي سبتمبر وأكتوبر في مشروعهما الإتحادي وهاهم يكررون نفس اللعبة فأوجدوا إنقلاباً إمامياً في شمال اليمن وإنقلاباً إنفصالياً في الجنوب مدعومين بمشروع إرهاب مساند ليستهدفوا اليمن والجزيرة العربية مجدداً لمنع التعايش والأخوة والإستقرار في اليمن بتحويله إلى مركز تهديد للجزيرة كلها ومنع استقرارها والممرات المائية,. فالتهديدات التي انطلقت من إنقلاب صنعاء وإنفصال عدن بقلب الطاولة على الجميع وتهديد بحر العرب وباب المندب والصواريخ التي أطلقت ومنع استقرار الشرعية اليمنية ومنع عمل الحكومة من المشاريع الثلاثة (الإمامة والإنفصال والإرهاب) كله يؤكد التناغم والمشروع والدور, فلقد نسقا وتناغما لينقض مشروع الإمامة بإنقلابه على ثورة 26 سبتمبر والدولة الإتحادية وشرعيتها بقيادة الرئيس هادي في صنعاء بشهر سبتمبر, ولينقض مشروع الإنفصال بإنقلابه على ثورة 14 أكتوبر والدولة الإتحادية وشرعيتها بقيادة الرئيس هادي في عدن بشهر أكتوبر, هادفين بذلك تسليم اليمن بخيراته وشعبه لمشاريع الهيمنة وتمزيق اليمن والمنطقة, , ومع هزيمة انقلاب صنعاء بسقوط مديريات صعدة وحجة معقل الإمامة ونفوذها, أطلق مشروع الإنفصال صيحات النفير لدعم انقلاب الإمامة, بتناغم وتعاون قديم جديد, لكن شعب اليمن بثورتيه سبتمبر وأكتوبر ملتف حول شرعيته بقيادة فخامة الرئيس هادي ومشروعه الإتحادي وتحالفه التاريخي بقيادة المملكة العربية السعودية ليسقط كل مشاريع الهيمنة والتجزئة.
حتمية النصر.
وفي ذكرى ثورة أكتوبر الوحدوية ستنتصر ثورة أكتوبر الإتحادية كما انتصرت ثورة سبتمبر الجمهورية وسيسقط مشروعي الإمامة والإنفصال وسينتصر اليمن الإتحادي مشروع واحدية الثورة والدولة والوطن والشعب, فتلك سنة الله الغالبة.