من جديد : الجمهورية أو الموت
حين السلام والاستقرار تكون الدولة ـ في أي بلد من بلاد العالم ـ عليها كافة المسؤوليات، وتتحمل كل الأعباء وجميع التبعات؛ ودون أن يُعفَى الشعب ـ عامة ـ من تحمل واجباته كمواطنين في أداء مهامهم المنوطة بهم شرعًا ودستورًا.
واليوم، وفي هذه الظروف الاستثنائية؛ لا يزال اليمن واليمنيون ينشدون السلام والاستقرار الذي فقده اليمن منذ نكبة الانقلاب الغادر في يوم كارثي أسود هو يوم 21 سبتمبر.
وفي مثل هذا الوضع الكارثي المزري، تبقى ـ أيضًا ـ السلطة الشرعية في موقع المسؤولية؛ مع تعاظم هذه المسؤولية التي يجب أن يرتقي فيها كل مسؤول رسمي إلى مستوى التحدي المواجِه، والواجب المفروض، المنوط بكل فرد عبر كل مستويات سلم القيادات العليا مركزيًا ومحليًا، بحيث يصطف كل مسؤول من هؤلاء للإمساك بزمام المبادرة التي يجب عليهم جميعًا أن يعضوا عليها، وأن يمضوا في أداء مهامهم بوتيرة تنافسية عالية، ودون تفريط.
ومن يرى في نفسه ضعفًا، أو أمامه صعوبة مانعة عن أداء الأمانة الملقاة على عاتقه فليعتذر عن مهامه؛ إذ من العار عليه أن يبقى في موقع المسؤولية بصورة موظف رسمي عاطل عن العمل!
والشعب هنا غير معفى في أن يقوم بدوره المساند الفعال؛ بالمؤازرة، والمناصحة والمساعدة، وبذل المستطاع في كل مجالات العمل الميداني، ولكل واحد من أفراد الشعب ميدانه الذي يحسنه؛ مع تمايز بين شخص وآخر.
وبمعنى أوضح، يجب أن يصبح الشعب كله مقـ.ـاومة شعبية، ولو بشق تمرة، أو درهم من الدراهم التي تسبق مائة ألف درهم، أو كلمة حق في توعية إعلامية، أو إرشادية؛ ناهيك عمن يمتشق بندقيته ببسالة، ويسارع ملبيا نداء: يا خيل الله اركبي.
في حرب الدفاع عن الثورة والجمهورية، بعد ثورة 26 سبتمبر المجيدة، لم تقف السلطة الشرعية، أو الدولة وحدها، بل كان الشعب معها جنبًا إلى جنب منذ اللحظة الأولى للطـ.ـوفان، أقصد للثورة.
وهكذا هو موقف الشعب اليمني الأبي اليوم، الذي يقـ.ـاوم بكل قوة وصلابة وثبات المشروع الإمـ.ـامي الحـ.ـوثي.
ففي معـ.ـركة الدفاع عن الثورة والجمهورية ظل الشعب تحت مسمّى المـ.ـقاومة الشعبية يؤدي دورًا، واضح المعالم، واضح الخطوات، واضح الأثر، وعظيم التأثير وتوّج مواقفه يوم إسقاط حصار صنعاء، المعروف باسم حصار السبعين، الذي أعاد فيه الشعب اليمني سيرته الأولى، فهب من جديد للمشاركة في فك الحصار، كما هب يوم فجر ثورة سبتمبر من كل أنحاء اليمن الكبير؛ ليقف جنبًا إلى جنب في ميادين التضحية والفداء.
لم يتنكر أحد لثورة سبتمبر، ولا زعم أحد أنها حرب عبثية، ولا (بقبق) إنسان مولولا أن الحاضنة تتآكل... حتى لقد قال قائل المقـ.ـاومة الشعبية والرسمية ـ حينها ـ في الانتصار للثورة والجمهورية: الجمهورية أو الموت!!
ولم يكن مجرد شعار يتشدق به مسؤول، أو يثرثر به شخص عابر، بل كان شعار الجميع، شعبًا وسلطة.
واليوم شعار الجميع، والذي يجب أن يُرفع بصدق ونية: كلنا مقـ.ـاومة.
فلتكن السلطة الشرعية العليا اليوم عند مستوى المسؤولية، ومستوى التحدي، ولتفتح صفحة الجمهورية أو الموت، وليكن الانتصار للحق والحرية وإسقاط المشروع السـ.ـلالي الحـ.ـوثي هو الهدف، والدوران حيث تدور الثورة والجمهورية، لا حول الذات، ولا المصالح الشخصية، أو المنافع الجهوية، أو العائلية. والدوران حول الثورة والجمهورية؛ هو الدوران حول الحق والعدل والحرية.
وحتما، لا بد أن يكون الشعب عند نفس المستوى من التحدي، والعزم والنية؛ مصطفا، ومساندا للسلطة الشرعية، وداعما، ومشاركا بكل فئاته، وألا يتخلى عنها فيزيدها ضعفا، خبالا، وأن يتوجه الإعلام بالتركيز في كشف وتفنيد ممارسات المشروع السـ.ـلالي المرتهن لإيـ.ـران، حيث كان هو السبب فيما وصلنا إليه، وأما المبالغة في جلد الذات: سخرية، أو تشكيكا، أو تنّدرا، فإنه لا يفيد الثورة والجمهورية، وإنما يفيد بكل تأكيد المشروع الظـ.ـلامي، وهو الحـ.ـوثي.
وهنا لا نقصد عدم النقد البناء، والنصح والتنبيه لمخاطر الفساد، أو التعامل ببطء، وسلبية من قبل الشرعية، ولكن المقصود ألا يحولنا السخط، أو يجرنا الخصم إلى مواجهة بعضنا، لتكون الفائدة خالصة للمجـ.ـرم الأفاك؛ وهو الحـ.ـوثي.