المسؤولية الوطنية بين الواجب وسقط المتاع.
ما دفعني لكتابة هذا المقال أمران الأول أني كنت بالأمس في قناة اليمن بلقاء مع الأخوين العزيزين الفارسين في جبهة الإعلام جميل عز الدين وخالد العليان، حول حملة المواجهة الشرسة على الشرعية والحكومة والتحالف، وتحدثا بمرارة وحرقة وألم بأنهم حين يتواصلون مع بعض مسؤولي الشرعية للظهور في قناة اليمن يتهربون بأعذار واهية، وهي في نظري تنم عن خوار العزيمة، وهيمنة المشاريع الخاصة التي تتوخى السلامة، الأمر الثاني: أني أنطلق من إيماني بمشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة، وكذلك من مقام موقف إمراة العزيز بقولها (الأن حصحص الحق) فالوطن الأرض والإنسان لا يحتمل الزيف والتخاذل أمام حجم التآمر عليه داخلياً وخارجياً، ذلك موقفي قبل المنصب وبعده، والذي لم أحد عنه، وأكتب دائما مقالاتي بصفتي الشخصية لا الوظيفية، كما أؤمن بأن الإعلام هو جبهة الحرب الفاعلة في مواجهة عدوان مشاريع الإنقلاب على مشروع الدولة الإتحادية بأقاليمها الستة وهي (الإمامة والإنفصال والتطرف والإرهاب)، فمدفعية كلماته وقصف صواريخ حقائقه، وطيران قوله ومقاله، الكاشف لزيف دعواهم المفند لمغالطاتهم وتزييفهم للدين والتاريخ، فهذا القصف والتعرية يقوم بمهمتين الأولى: تمهيد للإنتصار في معركة المواجهة في كل الجبهات العسكرية والسياسية والدبلوماسية والحقوقية والإنسانية، والثانية: تحرير العقول من وهم الزيف والتي تمنع إمداد جبهات مليشيا الإنقلاب المختلفة بالمقاتلين، ولهذا كان عبدالملك الحوثي قائد المليشيا الحوثية الإيرانية مدركاً لخطورة هذه الجبهة عندما قال "بأن الإعلاميين أخطر من المقاتلين في الجبهات".
جبهتنا الإعلامية معطلة بسببين ، قلة الإمكانيات وتشتت الجهود، وسقط المتاع. وللفارسين جميل وخالد أقول لا تبتئسا ولا تحزنا فكل من تدعونه ولا يستجيب للدفاع عن وجود شرعيته ودولته وحكومته ومشروعه ووطنه ووجوده ويتهرب من مسؤولية الوطنية وواجبه فهو سقط متاع.
وسقط المتاع هو الرديئ من كل شيئ، فعندما تسقط همم الرجال، وتضيع عزائمهم، ويجبنون حين الإقدام، ويترددون حين العزم، ويهربون من الدفاع عن وطنهم ودولتهم، وشرعيتهم ومشروعها وحكومتها، وقت الحاجة لهم، وتصبح أهدافهم في الحياة، هي المنصب و الدعة والسكينة والغنيمة، والأكل والنوم وجمع المال، فأي حياة لهم فهم سقط متاع.
ورحم الله قطري بن الفجاءة القائل.
وما للمرء خير في حياة
إذا ما عُدّ من سقط المتاع
وهذا البيت ضمن أبيات كلها حكم من قصيدته المشهورة التي يقول فيها:
أقول لها وقد طارت شعاعاً
من الأبطال ويحك لن تراعي
وقد وصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه هذه الفئة فقال: «يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال....»
ويصفهم التنزيل الحكيم الذي فيه مجامع المعرفة الإنسانية والكونية "بالخَبال" .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)آل عمران ١١٨.
(لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)التوبة ٤٧.
فلا تحزنا ولا تبتئسا أيها الفارسين فقدرنا أن نخوض معركة الدفاع عن الوطن والمستقبل الشرعية والمشروع والتحالف والتحرير تحت قيادة فخامة الرئيس هادي الذي تلاقت إرادته وعزيمته بلحظة تاريخية تصنع لليمن مجده وتاريخيه المعاصر، وتحرره من كل قيود الماضي والحاضر، دون تنازل أو تفريط، وسنسكن المستقبل والنصر بإذن الله وأمثال سقط المتاع ستكنسهم مزبلة التاريخ حيث مسكنهم .
أمثالهم بين خيارين، إما المشاركة في خنادق القتال والمواجهة دفاعاً عن الوطن والدولة والشرعية والمشروع والتحالف والحكومة، وتحمل مسؤوليتهم الوطنية وإداء واجبهم الوطني والوظيفي، أو على الشرعية الخلاص منهم فهم إعاقة وحمل زائد وتهمة، لا يؤمنون بالشرعية ومشروعها وتحالفها ويشوبهم يقين إنتصارها منتظرين لمن الجولة ليكونوا في صفوف غنائمه تلك نفسياتهم وخَبالهم كما وصفها الله .